كأنه العيد!

محمود هلال:

جاء العيد وانتهى العيد والغالبية العظمى لم تشعر بحلاوته وبهجته، وكان بالنسبة لهم أشبه بالعيد. فالعيد هو فرحة كبرى ينتظرها الكبار والصغار لتحقيق الأماني والأحلام المؤجلة، ويترقب الجميع حلول العيد بفارغ الصبر، ويعدّون العدّة له، ومع ارتقابه تعلن حالة الاستنفار عند الأسر السورية، لشراء الألبسة وجميع مستلزمات العيد من مأكولات وحلويات وغيرها.

بات العيد، في الوقت الحالي، يشكل مناسبة ثقيلة على الكثيرين من الناس، مناسبة تذكرهم ببؤسهم وشقائهم، وتؤكد لهم عجزهم عن الوفاء بوعودهم والتزاماتهم، وذلك في ظل الأوضاع المتردية، التي تزداد بؤساً من عام إلى آخر، إذ ازدادت أعداد الفقراء والمحتاجين، وتفاقم الفقر وسوء الأحوال، في ظل الأزمة والحرب والحصار على سورية، وبالتأكيد العيد عند هؤلاء له طعم آخر، وقد لا يكون له لا طعم ولا لون ولا بهجة، وقد يكون مناسبة عادية، أو مثل أي يوم من أيام السنة لا يحمل أي تغيير!

في العيد يتبادل الأهل والأقارب والأصدقاء التهاني والزيارات، ويكون فرصة للمسامحة والمصالحة بين المتخاصمين، وفيه يفرح الأطفال بثيابهم الجديدة، وبالعيدية التي تعطى لهم، لكن فرحة العيد غالباً لا تكتمل، وذلك بتحديد الأماكن الخاصة بالعيد التي تتوفر فيها عوامل الأمان والمراقبة للأطفال، والتي تجنب الأطفال الألعاب الخطرة والمفرقعات والمشاكل التي تحدث عادة في الأعياد، إذ تسجَّل مئات الحوادث والإصابات في العاصمة وفي باقي المدن والقرى السورية.

لكن ماذا عن العيد في هذا العام؟

من خلال مشاهداتي، ببساطة وبكل أسف، كان أشبه بكل الأعياد السابقة وجدنا غياباً للجهات الرقابية عن أماكن وجود الأطفال الذين يشكّلون فرحة العيد وبهجته، والخطر يلاحقهم من أكثر من جهة، مثل الانتشار العشوائي لألعاب العيد في الشوارع والساحات المفتوحة والمخترقة من الدراجات النارية والسيارات والأحصنة وغيرها.

وبالنسبة للألعاب من مراجيح ودوارات وغيرها، فإنها تفتقد غالباً عوامل الأمان والسلامة، وشاهدنا وسمعنا عن أكثر من حادث في هذا العيد، حوادث اصطدام لدراجات نارية يجري تأجيرها لأطفال صغار جداً، وكذلك انتشار بسطات الأطعمة المكشوفة والمأكولات والمشروبات غير المراقبة صحياً، ولا بد من الإشارة إلى الخطر الأكبر وهو موضوع الألعاب النارية (فتّيش ومفرقعات ومسدسات الخرز) التي تحوّل ساحة العيد إلى ساحة معركة حقيقية بين الأطفال تلحق الأذى الشديد بعيونهم وأجسادهم، وتسبب لهم عاهات دائمة، الأمر الذي تكون آثاره سلبية، لا على الأطفال فقط بل على أسرهم مادياً ونفسياً، لأن إصابة أي طفل تنغص على الأهل كثيراً وتنزع منهم فرحة العيد وبهجته.

والسؤال هو: كيف تغزو هذه المفرقعات أسواقنا بهذه الكميات الكبيرة دون أي رقابة عليها، رغم كل التحذيرات الشديدة بمنعها ومعاقبة بائعيها؟

والقضية الأخرى التي نشير إليها هي: موضوع الأسواق وألبسة الأطفال، إذ نلاحظ غياباً تاماً للرقابة التموينية عن الأسواق، فقد حطمت أسعار ألبسة الأطفال الأرقام القياسية في هذا العيد، وأرباح التجار كانت فاحشة دون حسيب أو رقيب، وأنهكت كواهل الأسر السورية وأفرغت جيوبهم أكثر مما هي خاوية، وبقوا على هامش العيد وهم على أمل أن تحمل لهم الأيام القادمة أعياداً أجمل وأحلى.

وكل عام وأنتم والوطن بألف خير!

 

العدد 1104 - 24/4/2024