حماية المستهلك بالتصريحات!؟.. المياه المعدنية في اللاذقية تباع بثلاث أضعاف التسعيرة

سليمان أمين:

سؤال يسأله جميع المواطنين اليوم: ماذا تفعل وزارة حماية المستهلك؟ هل باتت وزارة فيسبوكية يتلخص عملها في منشورات وزيرها ومعاونيه ومديريها في المدن السورية بين النفي وإصدار القرارات؟؟ بعد أن تحولت الأسواق السورية إلى البيع دون ضوابط سعرية للمواد الغذائية، في ظل غياب شبه كامل لـ(حماية المستهلك) ورقابتها الفعلية عن الأسواق. أما بالنسبة لعناصر التموين فقد تحول معظمهم إلى جامعي ما طاب لهم من الأتاوات وما تشتهي أنفسهم من مواد غذائية ودواجن وغيرها الكثير من مواد المعيشة بمختلف أنواعها، ولا يستطيع أحد تكذيب ذلك، فبمعادلة بسيطة يمكن أن نلاحظ الفرق بين الدخل الوظيفي وما يملك معظم عناصر التموين، وكيف يعيشون بحالة فوق الجيدة، دون سؤال من أين لك هذا؟؟ فغياب الرقابة الوزارية المؤسساتية عن عناصر التموين وسوء آلية تعيينهم جعلا الوضع العام للأسواق يزداد سوءاً أكثر من السابق، وما ارتفاع الأسعار والتخبط الكبير الحاصل فيها سوى مؤشر إلى سوء استخدام المنصب الوظيفي وعدم وجود خطط علاجية وحلول خلال السنوات الماضية الذي انعكس سلباً وتفاقم للأسوأ أكثر وأكثر دون أي تحرّك ملموس من قبل مسؤولي وزارة حماية المستهلك وخاصة بعد أن صار 80% من الشعب يعيش تحت خط الفقر المدقع، بل زادت الوزارة بقرارتها المتخبطة في الآونة الأخيرة الأمور تعقيداً أكثر وخصوصاً ملف الخبز التموني الذي هو شغلها الشاغل دون الالتفات إلى مواضيع ذات أهمية كبيرة وحساسة أيضاً بالنسبة لمعيشة الشعب، فقرارات وزارتنا المرتجلة لا تتناسب مع الواقع المعيشي لبلد لم يخرج بعد من أزمة الحرب والحصار الاقتصادي، فما يحتاجه المواطنون اليوم هو رغيف خبز ومواد غذائية أساسية بأسعار مدروسة لا كالوري وفيتامينات وغيرها في رغيفه، وما يحتاجه أيضاً تحسين جودة الخبز الذي لا يشبه الخبز في كثير من المخابز، وليس الخبز وحده المتضرر فهناك الكثير من المواد الأساسية الأخرى تحتاج إلى معالجة بشكل أفضل، وكذلك البنية التحية للمديريات والمؤسسات التابعة للوزارة تحتاج إلى قوانين فعلية وإعادة هيكلية وتوزيع المسؤوليات لمن يستحق لا لمن واسطته أعلى.

الإهمال الكبير الحاصل وعدم الرقابة جعل حتى باعة المفرق يتفرعنون أكثر وأكثر بزيادة الأسعار، وسوف نطرح هنا ملف المياه المعدنية كمثال واقعي لما يحدث في أسواقنا من رفع أسعار دون التقيد بنشرة أسعار وزارات حكومتنا الرشيدة.

المياه المعدنية.. بثلاثة أضعاف سعرها 

تعتبر المياه المعدنية مادة أساسية في أسواقنا السورية، فهناك الكثير من المواطنين يعتمدون عليها لأسباب صحية ومرضية وغيرها من الأمور الأخرى كطلاب الجامعات والمسافرين والسياح..الخ ، وقد ازاد الطلب عليها في الآونة الأخيرة بسبب الحر الشديد وقطع مياه الشرب لساعات طويلة وغياب الكهرباء من جهة أخرى، وقد أصدرت وزارة الصناعة خلال الشهر الماضي نشرة أسعار جديدة للمستهلك رفعت بموجبها تسعيرة المياه المعدنية كما يلي:

(رفع سعر عبوات المياه المعدنية… بحيث أصبحت الأسعار الجديدة للمستهلك كما يلي :

– الجعبة عدد 6 عبوات قياس 1,5 ليتر للمستهلك 6,300 ليرة والعبوة الواحدة 1,050 ليرة.

– الجعبة عدد 12 عبوة قياس 0,5 ليتر للمستهلك 7,200 ليرة والعبوة الواحدة 600 ليرة.

– العبوة قياس 5 ليتر للمستهلك 3,100 ليرة.

– العبوة قياس 10 ليتر للمستهلك 3,625 ليرة.

– العبوة قياس 18,9 ليتر للمستهلك 3,000 ليرة.

– كاسة 250 مل للمستهلك 400 ليرة.

ولكن الواقع غير ذلك تماماً فجعبة الماء المؤلفة من 6 عبوات والمسعرة ب 6300 ليرة سورية وصل سعرها إلى 15 ألف ليرة سورية في مدينة اللاذقية دون أي رقابة سعرية من قبل مديرية حماية المستهلك وعناصرها، في ظل غياب المياه المعدنية عن صالات السورية للتجارة بشكل نهائي، وكذلك مراكز البيع التابعة لوزارة حماية المستهلك، وبسؤالنا لموظفي السورية للتجارة في مجمع أفاميا باللاذقية عن توفر المياه المعدنية كان جوابهم: منذ أكثر من شهر لا يوجد لديهم مياه معدنية لبيعها، في حال كانت قبل رفع سعرها متوفرة وتحصل كل بطاقة على جعبة ماء كل أسبوع.

وقد انتقد الكثير من المواطنين المؤسسة السورية للتجارة وتصريحاتها غير الصحيحة بتوفر مادة المياه وتكثيف توزيعها في صالاتها إضافة إلى البيع عبر السيارات الجوالة بشكل يومي، والذي كان مخصصاً لفئات محددة من الناس من أصحاب الواسطات  وحسب رأي البعض بأنها كانت تباع للتجار وأصحاب المحلات  لمن يدفع أكثر، وهذا ما جعل الوضع يتفاقم للأسوأ دون أي رقابة وزارية على ذلك، وبهذا نجد تناقض تصريحات الوزارة ومؤسسة التجارة الداخلية بأن البيع عبر البطاقة ويتم فعل العكس تماماً ببيعها عبر صفقات خاصة دون بطاقات، أي يمكن أن نسميها:  تصريحات وهمية لا أكثر.

وفي تصريح سابق لمدير عام المؤسسة العامة للصناعات الغذائية، ريم حللي، بينت فيه أنه تم زيادة الإنتاج للمعامل بنسبة 30 في المئة خلال فترة الصيف وقمنا بإعطاء توجيهات لمعامل المياه الأربعة (السن ودريكيش وبقين والفيجة) للعمل بثلاث ورديات خلال اليوم ولم يتوقف أي معمل عن الإنتاج.

 مقترحات ختامية

الحل الوحيد لوقف التجارة والاتجار بالمياه المعدنية هو احتكارها من قبل وزارة حماية المستهلك ومؤسسة التجارة الداخلية بشكل محكم وبقوانين رادعة ووضع آلية بيع ضمن الصالات ومنافذ البيع والسيارات الجوالة عبر الهوية الشخصية بكمية محددة لكل مواطن، وفتح أكشاك أو نقاط بيع للمياه كما الخبز في الأماكن السياحية، ومصادرة المياه من أي مركز خارجي يعمل على المتاجرة بالماء وبهذه الآليات يمكن أن تحقق الوزارة إنجازاً إيجابياً يخدم المواطن بشكل فعلي.

العدد 1105 - 01/5/2024