قرار مستعجل بمصادرة الدراجات النارية في سورية!!

رمضان إبراهيم:

قرار ملاحقة الدراجات النارية ومصادرتها يكاد يكون حديث الشارع السوري، والطرطوسي على وجه الخصوص، والجميع يتساءلون: من هو صانع هذا القرار؟ وعلى ماذا اعتمد في ذلك؟ وما هو الهدف والغاية من إصدار هذا القرار!!؟

ولأن هناك أعداداً كبيرة من المواطنين من أصحاب الحرف والمهن والمزارعين يعتمدون على الدراجات النارية، ولا يمكنهم انتظار وسائل النقل العام، عدا أن هذه الوسائل تعاني هذه الأيام من أزمة في تأمين المحروقات اللازمة لحركتها، وبالتالي فهي عاجزة عن تأمين الركاب، سنتحدث عن عواقبه الحقيقية.

نحن لسنا ضد أي قرار تتخذه الحكومة بمعالجة أي مخالفات حدثت خلال هذه الأزمة، أو ارتكبت بسبب الظروف الراهنة، ولكننا ضد قيام الحكومة بمعالجة أمر على حساب حياة المواطن التي لم يبق منها إلا ذلك النفس الأخير الذي يستنشقه من الطبيعة.

إن من أكبر المصائب اتخاذ قرارات عشوائية ودون دراسة كافية، ولذلك فإنها تنعكس على واقع الناس سلباً، ويتساءل العديد ممن التقيناهم عن صوابية قرارات كهذا القرار، لاسيما أن الحكومة أصدرت قراراً بإصدار بطاقات خاصة للدراجات النارية النظامية والمهربة لتزويدها بالوقود، وكلفتنا الكثير (كما يقول إبراهيم) ثمن البطاقات وتقديم الأوراق والوقت والجهد، فضلاً عن الابتزاز، ثم تعود بعد فترة قصيرة وتصدر قراراً معاكساً تماماً وهو مصادرتها وحجزها لتلك الدراجات التي دخلت البلد وربما بمباركة المعنيين بإصدار هذا القرار!!

وهنا نسأل صاحب القرار:

ماذا سيحل بالمزارعين الذين لا يستطيعون الوصول إلى حقولهم إلا بواسطة هذه الدراجات؟ وماذا سيحل بهؤلاء الجنود وعناصر الشرطة أنفسهم، ممن ليس لهم قدرة على شراء الدراجات النظامية واضطروا مكرهين مرغمين على اقتناء الأرخص وما يتناسب مع إمكانياتهم من الدراجات المهربة؟ وماذا سيحل بذلك المواطن الذي خسر دراجة يفوق سعرها اليوم مليون ليرة سورية، دون أي ذنب؟!

الذنب الوحيد هو قرار لا يمتّ للإنسانية بصلة، جرى إصداره وتنفيذه بشكل جعل الجميع يصرخ آهاته الأخيرة وهو يسأل بكل ألم:

هل من يقوم بمصادرة سبل عيشنا هم سوريون مثلنا!؟

يقول السيد أبو محمود: أنا لا أملك دراجة مهربة بل نظامية، ولكنني رأيت القهر الذي أصاب الفلاحين الذين لم تكتفِ الحكومة بقهرهم بسعر القمح والسماد وأسعار الثوم وبقية المنتجات فسارعت لقهرهم أيضاً بقطع الطريق عليهم حتى للوصول إلى أزاقهم.

هذا هو واقع المواطنين المزارعين في طرطوس واللاذقية وأرياف باقي المحافظات ممن يعتمد أهلها على الزراعة التي مازلنا نعيش بسببهم وبتعبهم وجهدهم.

الدراجات المهربة ليست خطراً على بلادنا، وإنما المسؤول الذي غض الطرف وسمح بإدخالها وانتشار محلات بيعها، ثم أصدر قرراً بمصادرتها هو الخطر الأكبر، لأنه لا يأبه للعواقب ولا للنتائج وهو يعلم علم اليقين أن مصادرة هذه الدراجات ستسبب شللاً شبه كاملاً للفلاحين لأنهم وبسبب غلاء المحروقات لن يستطيعوا استئجار السيارات لتوصلهم إلى حقولهم ومزارعهم وبالتالي ستبقى مساحات واسعة دون زراعة أو اهتمام.

أخيراً

الحفاظ على ما تبقى من كرامة المواطنين الفلاحين بشكل خاص وباقي فئات الشعب ممن لا يمكنهم اقتناء أبسط انواع السيارات هو الواجب الأكبر وتشجيعهم على زيادة إنتاجهم، وتخفيف معاناتهم أيضاً هو ما يجب أن يكون من أولويات عمل الحكومة، فهل سنشهد دراسة حقيقية وعادلة لمعالجة إشكالات الدراجات النارية في قادمات الأيام أم أن للحكومة أذناً من طين وأذناً من عجين!؟

 

العدد 1105 - 01/5/2024