القاتل بريء والمقتول مذنب!

د. أحمد ديركي:

يمكن في بعض الأحيان أن يكون القاتل بريئاً من الجريمة التي ارتكبها بحق القاتل! فمن الحالات التي تجعل من القاتل بريئاً، على سبيل المثال لا الحصر، حالة الدفاع عن النفس. فمثلاً إن اقتحم أحد السارقين منزلاً لسرقته، وكان صاحب المنزل فيه وذو مقدرة على مواجهة السارق، وقتلَ السارقَ دفاعاً عن منزله وحمايةً له من السرقة، في هذه الحالة القاتل، صاحب المنزل، بريء، لأنه قتل السارق دفاعاً عن النفس.

هنا تدخل القوانين والفذلكات القانونية والمحاكم والتحقيقات وكل ما يختص بهذا الأمر لمعرفة ما إذا كانت (الجريمة) التي وقعت دفاعاً عن النفس أم لا، لتبرئة القاتل. طبعاً هناك قراءة معاكسة لكل هذه المسألة، ولن ندخل في تفاصيلها الآن، بل يمكن على سبيل المثال قراءة قصة (الجريمة والعقاب) للمؤلف دستويوفسكي.

لنتخيل الوضع معكوساً. أي لو دخل سارق لسرقة منزل وقتل السارق صاحب المنزل وسرق ممتلكات المنزل وصاحبه؟

ما من شك في هذه القضية، فالجريمة واضحة، طبعاً عندما تثبت قانونياً وجنائياً ويحاكم السارق – القاتل وفقاً للقوانين بتهمة السرقة وصولاً إلى تهمة القتل عمداً. ولكل دولة قانونها في مسألة الحكم على هذه الجريمة، تتراوح من السجن المؤبد وصولاً إلى الإعدام.

لكن ما دولة في العالم، بغض النظر عن مدى تقدمها أو تخلفها، عن مستويات الفساد أو لا فساد، التحايل على القانون أو عدم التحايل عليه… يمكن أن تحاكم السارق – القاتل على أنه (البريء) لأنه ارتكب الجريمة! يمكن من خلال اللعب على القوانين وتدخل السياسية وأصحاب النفوذ والرشوة أن تحكم عليه بالبراءة، ويطلق سراحه، ولكن يستحيل أن تحكم عليه بارتكاب جريمته عمداً وتقول عنه بريء!

للأسف هذا ما يحدث حالياً! السارق – القاتل تحكم عليه المحكمة بسرقته وارتكاب جريمة القتل، وتقول إنه بريء! هذا ما يتصف به الكيان الصهيوني. فقد سرق واغتصب أرض فلسطين وقتل ويقتل شعبها ويهجّره، ومن ثم يدان الشعب الفلسطيني، وكل مقاوم، بغض النظر عن جنسيته، لهذا الفعل الاغتصابي على أنه (المذنب)!

والمثير للاشمئزاز أكثر هو أن الأنظمة العربية المطبعة مع السارق – القاتل، رغم اعترافها أمام شعبها بأنه سارق – قاتل، تتعامل معه على أنه دولة (صديقة) وتفتح أمامه أبوابها لاستكمال سرقته وقتله للشعب الفلسطيني ولكل مقاوم لهذا الكيان. ومن فتح الأبواب أمامه توقيع اتفاقية التعاون التجاري مع السارق – القاتل والإمارات العربية العربية المتحدة، والتحقت بها منذ أيام اتفاقية نقل الغاز من السارق – القاتل إلى مصر ومنها إلى بقية الدول الأوربية! تتغنى مصر، تلك الدولة العربية التي كانت في يوم من الأيام رمزاً لمناصرة القضية الفلسطينية، على أنها سوف تصبح (محطة) الشرق الأوسط وإفريقيا لنقل غاز السارق – القاتل إلى أوربا!

ألا تعلم مصر والإمارات وبقية الدولة المطبعة مع السارق – القاتل أن كل تسهيل لهذا الكيان هو عملية تسهيل للاستمرار بقتل الشعب الفلسطيني وقتل كل مقاوم له، وتسهيل المزيد من اغتصاب أرض فلسطين؟! نعم، يعلمون ويمعنون بدعم السارق – القاتل وقتل شعوبهم كما يقتل السارق – القاتل شعب فلسطين.

وإن خان القادة العرب القضية الفلسطينة من خلال المزيد من التطبيع وتقديم الخدمات المجانية له ليرتكب المزيد والمزيد من جرائمه بحق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، وليحتل المزيد والمزيد من الأراضي العربية، إضافة إلى احتلاله لأرض فلسطين، فالشعوب العربية وكل أحرار العالم لن يخونوا قضيتهم.

القاتل على شاكلة الكيان الصهيوني قاتل، ويجب محاكمته ومعاقبته، وهذا ما سيفعله أحرار العالم حتى لو كل حكمت أنظمة العالم السياسية ببراءة السارق – القاتل.

 

العدد 1105 - 01/5/2024