ماذا أنجز القادة العرب أصحاب الفخامة والسمو خلال قرن من الزمن؟!

محمد علي شعبان:

مؤسف ونحن نتابع الأخبار على المحطات الفضائية، أو عبر الجرائد الإلكترونية، وعلى صفحات التواصل

الاجتماعي أن نشعر وكأن طبول الحرب تقرع من بعيد، وأن الأشهر القادمة حبلى بالعديد من المفاجأة.

والمحزن أن نسمع أخباراً تفيد بأن دول الاتحاد الأوربي تسعى لتوحيد الجهود مع الولايات المتحدة الأمريكية، كي تستطيع الوقوف في مواجهة الصين وروسيا.

ومؤسف أن تسمع أن روسيا الاتحادية تقيم علاقات تعاون مع الصين وإيران، لمواجهة تلك التحديات التي تقودها أوربا وأمريكا. وأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تقيم علاقات تعاون ومعاهدات مع كل من الصين، وروسيا الاتحادية.

لكن اللافت أن الجمهورية التركية تحاول إحياء مشاريع قديمة حديثة بعد فشل الإخوان المسلمين في تحقيق مشروعهم في معظم البلدان الإسلامية، الذي عمل من أجله النظام التركي بقيادة أردوغان، وبعد فشل المشروع الإخواني، عاد الرئيس التركي خطوة إلى الوراء، باتجاه إقامة علاقات خاصة مع الدول الناطقة بالتركية في آسيا الوسطى.

وكأن القيادة التركية تريد التسلل لتحقيق مشروعها الخاص في ظل انشغال الدول العظمى في صراعات شديدة، بين روسيا من جهة، وأمريكا والاتحاد الأوربي من جهة ثانية.

لكن الأكثر إثارة للأسى والحزن أن يتناسى العرب قضيتهم الأساسية، والصراع العربي الصهيوني، وأن يتسابقوا للحج إلى الكيان الصهيوني، وإقامة أفضل العلاقات معه، بعد أن شكلوا إطارات ضيقة ألغت الأطر القديمة، التي كانت تؤكد على العمل العربي المشترك، وأصبحت تعمل ضمن أطر ضيقة، كمجلس التعاون الخليجي، الذي شكل النواة الأساسية، لدول الناتو العربي!! والذي أسس لعلاقات جيدة مع الكيان الصهيوني من جهة، وعلاقات متوترة مع الدول التي رفضت الركوب في قاطرة المطبعين.

لم يتوقف الأمر عن هذا الحد، بل تجاوزت دول مجلس التعاون الخليجي ذلك إلى الضغط والحصار، والتهديد بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدول التي رفضت التطبيع، كما حصل مع لبنان الشقيق والدول الخليجية، قبل عدة سنوات من الآن.

واتفقت دول الناتو العربي على شنّ حرب جائرة ضد دولة شقيقة ذات سيادة، لأنها رفضت الانصياع لإملاءات دول مجلس التعاون الخليجي، التي تريد تشكيل نظام جديد في اليمن، يعمل بأوامر السعودية ومن يدور في فلكها، ويصمت على استغلال النفط اليمني الموجود في جيزان وعسير، مقابل رضا خادم الحرمين على اليمن.

لكن الشعب اليمني لم يتخلَّ عن عروبته ولم ينسَ قضية الشعب الفلسطيني، ولم يخضع لرغبات الدول الخليجية، لذلك اتخذت دول مجلس التعاون الخليجي قراراً بتدمير البنية التحتية اليمنية، وتجويع الشعب اليمني، وقصفه بأعتى صنوف الأسلحة، بحجة الشرعية، التي تتمثل برئاسة عبد الله منصور هادي، الذي صنعه النظام السعودي بديلاً عن علي عبد الله صالح، ليكون حليفاً للقادة والأمراء الخليجيين، الذين يعملون منذ زمن طويل، ليس فقط لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، إنما لتفكيك الأمة العربية، وتقسيمها، وخلق صراعات فيما بينها، خدمة للكيان الصهيوني، وأمه الحنون الإدارة الأمريكية.

لقد ترافقت الحرب الخليجية على اليمن، بالضغط المستمر على لبنان، من أجل التضييق على حزب الله اللبناني الذي أزعج الكيان الصهيوني في عدة نزالات، شعر من خلالها القادة العرب بالانكشاف والفضيحة، واتضحت عدم جديتهم بمناصرة الشعب الفلسطيني، التي يتغنون بها منذ أكثر من سبعين عاماً.

جاءت انتصارات المقاومة اللبنانية، لتقول لهم: كفاكم كذباً على شعوبكم!

وبدلاً من إجراء المراجعات وتصحيح المسار، عمد غالبية حكام الدول العربية إلى مزيد من الضغط والحصار على الشعبين الفلسطيني، واللبناني، ومحاولة زرع الشقاق والفتنة بينهما، وشق الصفوف بغية إضعاف إرادتهما، ورضوخهما للإملاءات التي تجعلهم يتخلون عن قضيتهم الأساسية، والانشغال بقضايا ثانوية تأخذهم ليس للتطبيع مع الكيان الصهيوني فقط، بل للاستسلام والرضوخ، ونيل الرضا من أمراء وحكام، مشبعين بالعمالة والتآمر على الأمة العربية، التي يدّعون الانتماء إليها والدفاع عنها.

هكذا يا أصدقاء تجدون بعض قادمة الأمة، منشغلين بتحقيق أحلامهم الاستسلامية، وترويض شعوبهم من أجل التطبيع والاستسلام، بغية التفريط بحقوق الشعوب وكرامتها، بعد أن فرطوا بممتلكاتها من أراضٍ، وثروات باطنية، ومعادن ثمينة، ونشروا الجهل، وحاربوا العلم، وسجنوا العلماء، وقتلوا بعضهم، بذريعة الدفاع عن مصلحة الأمة.

قارنوا بين حكام شعوب العالم وبلدانها، وحكام الأمة العربية، التي يدمرونها بالتدريج.

أولئك الحكام يسعون لتجميع قواهم ورص صفوفهم، بهدف مواجهة التحديات، وهؤلاء يقسمون الأمة، ويجوعون شعوبها، ويطبقون الحصار على نسائها وأطفالها، خدمة لمن احتل أرضها وهجر شعبها، ويصنفون من يقاوم المحتل في خانة الإرهاب.

ويصبح المحتل صديقاً وحليفاً، ويريدون للشعوب أن تمجد إنجازاتهم وتتغنى بها.

 

العدد 1105 - 01/5/2024