تحرّش أم تلاصق؟!

محمد نذير جبر:

إن الاختناق المروري الذي تُعانيه المدن الكبرى لا يرجع فقط إلى كم وسائل النقل والطرقات، وإنما يتأثر أيضاص بعوامل أخرى منها عدم إعادة إعمار العديد من الضواحي وأرياف تلك المدن، وبالتالي عدم التخفيف من الاكتظاظ السكاني، وعدم إعادة مركبات الريفيين إلى الطرقات الريفية.

عجيبٌ هو حال الحكومة عموماً، فكلّما أرادت حل مشكلة أدّت عديد قراراتها وإجراءاتها لظهور مشكلة جديدة، كانكفاء النزر اليسير من وسيلة النقل (المكرو) عن العمل وبيع مخصّصاتهم من الوقود في السوق السوداء بأضعاف أضعاف ثمنها، وبهذا يوفّرون أجرة السائقين واستهلاك قطع المركبة التي أصبحت غالية جداً.

والمشكلة تكمن في عدم وجود عقوبات رادعة، فالسائق يلتفت إلى الركّاب وكأنه ملك جالس على عرشه وأنه يريد أجرة مئتي ليرة عوضاً عن المئة، وذلك قبل أن تُرفع أجورهم بموجب القانون. إن المرحلة التي وصل إليها المواطن من الاكتظاظ في الحافلات هي مرحلة إذلال، إذ عادةً الشيء الوحيد الذي يُحشر بهذا الشكل هو القمامة عندما نضغطها بقدمنا داخل سلة المهملات، وقد صادفت بعض حالات الإغماء لقصار الطول من الكهول بسبب عدم تمكّنهم من الحصول على ما يكفي من الهواء، ولفرط الاكتظاظ حتى لو شعرت بأن محفظتك تنشل يصعب الالتفات ومطاردة النشال إلى خارج الباص. أمّا التحرّش الجنسي فيصعب تمييزه بسبب الالتصاق القسري للأجساد، ويُلحظ استعانة شركات النقل الداخلي بسائقين ومرافقي سائقين من (أولاد الشوارع) بهدف قمع المحتجين على الاكتظاظ الهائل وإخراسهم.

الحلول موجودة في كل دول العالم، ونلحظ أشكالاً من التنظيم كوصول الحافلات في وقت مُحدّد، وتعاقبها على المواقف ضمن جدول زمني، وعشرات الحلول الناجحة الأخرى في معظم مدن العالم المكتظة، فهل لنا الاستفادة من تلك التجارب والحلول؟!

العدد 1104 - 24/4/2024