دور الشباب في الأمن والسلم

ريم داود:

نقضي سنوات الطفولة تواقين لبلوغ مرحلة الشباب بأحلام تكاد تطول النجوم وتناطح حدود السماء راغبين بعد انقضاء هذه المرحلة أو الفترة العمرية بالعودة إليها بشوق وشغف لا يوصف، وكأن العمر اختصر بالشباب متفقين جميعاً أن لهذه المرحلة أهمية وجمالاً يعيشه كل إنسان في هذه الحياة، وممّا لا شك فيه أن للشباب أهمية على المجتمع بأسره، فهم عماد الوطن وحصنه المنيع.

لكن للأسف الشديد يشهد العالم اليوم استنزافاً كبيراً لطاقات الشباب وإمكانياتهم خاصة في ظلّ النزاعات المسلحة التي أنهكت كاهله وأفنت مستقبله وقضت على أحلامه مستهلكة جهوده واستطاعته بالكامل في أمور وأساليب غير شرعية وطرق متحيّزة، مودية به نحو الهاوية والهلاك والضياع والانحدار الأخلاقي، الاجتماعي، المهني، العلمي والعملي عوضاً عن تفعيل هذه الطاقات واستغلالها بطريقة إيجابية وأساليب مجدية ونافعة.

ونظراً لأهمية هذه الفئة العمرية، ونتيجة لما شهده العالم من تجييش سلبي لفئة الشباب أدى إلى استهلاكه حتى الموت، أقرّ مجلس الأمن القرار رقم ٢٢٥٠ الصادر لعام ٢٠١٥ بعنوان (الشباب والسلم والأمن) فقد اعتُبر هذا القرار الأول من نوعه، وكان الهدف منه حثّ الشباب على المشاركة والفعل في مجال السلام والأمن العالمي، وتمثيلهم في عملية صنع القرارات بهدف الحدّ من النزاعات ومحاولة حلّها والحيلولة دون انتشارها.

ومن خلال نظرة خاطفة سريعة لتصنيف الفئات العمرية، سنجد أن فئة الشباب تضم العدد الأكبر والأضخم في العالم، فهم غالباً ما يشكلون غالبية السكان وخاصة في المناطق النامية، وعليه نجد السؤال التالي يطرح نفسه بقوة في هذا النقاش: ما هو دور الشباب في مواجهة ومجابهة التطرّف العنيف وتعزيز السلام؟ وإن كان هناك من دور حقيقي للشباب في هذا المجال، فما هي الآلية التي يمكن من خلالها تفعيل هذا الدور بالشكل الأمثل والأفضل؟

أمام هذا الجدل والحوار كان لابدّ من ضرورة حث الدول الأعضاء في مجلس الأمن على أهمية توفير البيئة المحفّزة للشباب وتمكينهم من العمل جاهدين على تحقيق السلام والأمن بعيداً عن النزاع المسلح والخصامات الدائرة، عاملين وساعين لوضع آليات تمكّن هؤلاء الشباب من المساهمة في تحقيق الأمن والأمان وتعزيز ثقافة السلام والتسامح بين الناس عوضاً عن تجييشهم للقتال والنزاع، الأمر الذي يتطلّب فرض ثقافة احترام الآخر المختلف ونشر ثقافة الغنى بالتنوع. أما عن كيفية إمكانية تحقيق تلك الثقافة بين الناس عامة، وجيل الشباب خاصة، فلابدّ أولاً من النهوض بمستوى التعليم الذي يلبي حاجاتهم واحتياجاتهم، والعمل على رفدهم بآخر التطورات والمستجدات العلمية والتكنولوجية بعيداً عن حصرهم في قوقعة مغلقة من الجهل والتطرف والتعصب واستبعادهم من الحياة السياسية والاقتصادية الذي يفرز نتائج سلبية على الصعيد الفردي والجماعي.

ثانياً العمل على شغل الشباب بالأمور الثقافية، الرياضية، والفنية التي تغني النفوس وتصقل الأخلاق وتعمل على تهذيب وتشذيب سلوكياتهم وأنماط تفكيرهم، وهنا لا يسعنا سوى أن نتساءل أين هو الشباب السوري من هذا القرار؟ وما السبب الذي يدفعنا لتهميشه على الرغم من أن شبابنا أثبت جدارة عالية منقطعة النظير على مختلف الأصعدة والمجالات في مختلف البلدان؟ وهل من مبررات تمنع الشباب السوري من المشاركة في صنع القرارات على الصعيدين السياسي والاقتصادي وصولاً إلى إسهامهم في بناء السلام والأمن الدوليين؟

أم أننا نسعى إلى زجِّ هذا الشباب وبشكل مستدام في الصراع والنزاع ناسين متناسين أن لهم الحق في العيش والتخطيط والإنتاج؟ أمام كل هذا الطرح والجدل إشارات استفهام كبيرة تجول مخيلاتنا حول مصير هذا الشباب في الوضع الراهن وفق حاجة البلد الماسة والضرورية لهم ولطاقاتهم.

العدد 1104 - 24/4/2024