كي لا ننسى | سامي بسلان.. ابن منبج في قلب نضال الشغيلة من أجل المستقبل

يونس صالح:

سامي بسلان، ابن مدينة منبج، مدينة أبو فراس الحمداني، مدينة تضرب جذورها عميقة في تاريخ سورية العريقة، في هذه المدينة الباسلة ولد هذا المناضل عام 1938 على أعتاب استقلال البلاد، لم تكن سنه الصغيرة لتسمح له بالمشاركة في نضال شعبه من أجل الحرية وتقرير المصير، بيد أن أبناء بلدته كان لهم حصة وافرة في هذا المنجز الذي حققه الشعب، وهو طرد المستعمرين الفرنسيين من البلاد.

إن أسرته شأنها شأن أغلبية الأسر السورية كانت تعاني من قساوة الحياة، ولقد نشأ سامي بسلان وترعرع عندما كانت سورية تشق طريقها بصعوبة لرسم آفاق تطورها اللاحق.

كانت التركة ثقيلة، علاقات إقطاعية لاتزال سائدة في الريف السوري، وصناعة وطنية ضعيفة، لا يسمح لها الغربيون بالنمو والازدهار، وصراع اجتماعي وسياسي يجري في البلاد من أجل إيجاد مخارج للتخلف الذي ورثته سورية نتيجة قرون طويلة من سيطرة العثمانيين على مقادير البلاد. لم يكن يمكن لهذا الشاب اليافع إلا أن يتأثر بهذه الظروف العاصفة التي كانت تمر بها البلاد، كان الحزب الشيوعي السوري في طليعة المناضلين الذين كانوا يرون أن إجراء إصلاحات اقتصادية واجتماعية وسياسية عميقة في البلاد هي الخطوة الأولى نحو توطيد الاستقلال الوطني.

 وجد هذا الشاب نفسه ينخرط في صفوف الحركة العمالية، وينتسب إلى صفوف هذا الحزب عام 1956 الذي كان يعبّر عن مشاعره الحقيقية، وعن طموحه برؤية بلاده تسير في ركب الحضارة العالمية. ولقد كرس هذا الشاب حياته من أجل هذه القضية التي آمن بها حتى النهاية.

ساهم مع الحزب في الدفاع عن استقلال سورية، وشارك في المظاهرات الجماهيرية الكبيرة التي كانت تتم ضد الأحلاف العسكرية ووقف مع حزبه ضد جميع المؤامرات التي كانت تحاك ضد استقلال البلاد.

إن الحركة الجماهيرية الواسعة والصاخبة أعوام الخمسينيات، جعلت من سورية بلاداً عصية على المستعمرين القدماء والجدد. كان سامي بسلان في قلب هذا الحراك الكبير. عام 1968 ينتقل سامي إلى الطبقة، ويساهم فيما بعد مساهمة فعالة في الأعمال التي بدأت لتشييد سد الفرات بالتعاون مع الاتحاد السوفييتي. يتابع سامي مهامه النضالية في الطبقة، ويقوم بنشاط واسع بين الشغيلة، ويساهم بإبراز دور الحزب ووطنيته واستعداده لتقديم كل ما يستطيع تقديمه من أجل أن يرتفع بهذا السد، لما له من أهمية اقتصادية وتنموية كبيرة بالنسبة للبلاد، كثر هم أولئك الشيوعيين الذين عملوا بتفاني من أجل أن تصبح هذه المنشأة حقيقة واقعة، بعد أن كانت حلماً يراود أذهان السوريين، إن سامي بسلان كان ينتمي إليهم بجدارة.

انتخب عضواً في اللجنة المنطقية للحزب في هذه المدينة الفتية، ولعدة دورات، لم يخمد نشاطه أبداً، بل على العكس، كانت متوقداً باستمرار. لقد كان يعيش حلمه الكبير برؤية أبناء بلاده يعيشون بكرامة وبازدهار، ولأجل ذلك وهب حياته كليها.

في 9/10/1997 يتوقف قلب هذا المناضل عن الخفقان، مخلفاً إرثاً يستحق البقاء والديمومة، ودعته جماهير الطبقة الكادحة وداعاً مهيباً، وأقامت له مجلس عزاء وودعه المئات من رفاقه وأصدقائه الوداع الأخير.

لتبقى ذكرى هذا المناضل الذي كرس حياته كلها لأجل المستقبل حية في أذهان من يعز عليهم مستقبل هذا البلد وتطوره اللاحق.

العدد 1105 - 01/5/2024