في يوم المرأة العالمي.. شكراً سيدي الرئيس!

ريم الحسين:

ورد إلى مجلس الشعب مشروع القانون المحال من رئاسة الجمهورية، المتضمن إلغاء المادة ٥٤٨ من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /١٤٨/ لعام ١٩٤٩ وتعديلاته.

فقد صرح رئيس المكتب الصحفي في مجلس الشعب (ناجي عبيد)، أن الرئيس بشار الأسد، أحال إلى المجلس مشروع إلغاء المادة التي تختص بجرائم الشرف، ومشروع القانون لإلغاء هذه المادة يعني أنه لا يوجد عذرٌ مخفّف بعد اليوم لمرتكبي جرائم الشرف.

مطالبات كبيرة قام بها المجتمع المدني والجمعيات النسوية ومنظمات حقوق الإنسان في الفترة الأخيرة منادية بإلغاء المادة 548 من قانون العقوبات السوري رغم تعديلها بموجب مرسوم رئاسي في عام ٢٠١١ تم بموجبه تشديد العقوبة على الجاني. وبموجب تعديل هذه المادة الخاصة بجرائم الشرف لم يعد بوسع مرتكب مثل هذه الجرائم الإفلات من العقاب، كما كان عليه الحال قبل التعديل. فقد نص التعديل آنذاك على فرض عقوبة سجن لمدة سنتين على الأقل بحق من يرتكب جريمة شرف، وبعده استمرت الأصوات المطالبة ليس فقط بتعديله وإنما بإلغائه نهائياً، وهذا ما حدث اليوم بمشروع القانون، بانتظار إقراره بشكل نهائي في مجلس الشعب.

موقف القانون السوري من جرائم الشرف هو إرث مصدره قانون العقوبات الفرنسي الصادر عام 1810. فقد دخل هذا القانون إلى تشريعنا مع قانون الجزاء العثماني (ذي الأصل الفرنسي) عام 1858، وتكرَّس وجوده في قانون العقوبات الصادر في عام 1949، فكيف تحكمنا للآن قوانين ظالمة من حقبة الاستعمار، والمجتمع السوري يتجه نحو الحداثة ويطالب بعلمانية الدولة.

خطوة السيد الرئيس كانت هدية لكل النساء السوريات واللاتي تعرضن للعنف والظلم تحت ذريعة قوانين لا تمت للشرف بصلة، حتى إن أغلب جرائم الشرف كانت ملفّقة، واتخذ الجاني من حماية القانون له ذريعة للهروب من العقاب، وإن يكن فلا يحق لإنسان مهما كان قتل نفس والتحكم بها كأنها إرث أو ملك، فزمن العبيد قد ولّى، وبعد سنوات الحرب علينا البدء بإصلاح المجتمع، والقانون هو الوسيلة لتحقيق الأهداف المرجوة بمجتمع صحي سليم، وكل الأمل بتعديل شامل لقانون الأحوال الشخصية والكثير من مواده المجحفة بحق النساء، والانتقال إلى قوانين مدنية وعلمانية تحمي الجميع تحت سلطة الدولة والقانون.

والجدير بالذكر أن يوم المرأة العالمي هو ذكرى لمجزرة حدثت في 8/3/1908 في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد قام أحد أصحاب المصانع بإغلاق الأبواب على العاملات، ثم قام بحرق المصنع بسبب إضرابهن عن العمل لتحسين أجورهن، مما أدى إلى وفاة 129عاملة، وأصبح اليوم رمزاً وذكرى لظلم المرأة ومعاناتها. وفي بعض الدول تحصل النساء على إجازة بهذا اليوم، وتستمر الحركة النسوية العالمية في مواجهة القمع والعنف الذي تتعرض له النساء في شتى بقاع الأرض، وحصلت النساء على الكثير من حقوقهن، ومازال على عاتق الجمعيات والحركات الإنسانية والتحررية الكثير من العمل للوصول إلى الأهداف السامية في عالم خالٍ من التمييز الجندري والقهر الممارس والمطبّق ضد النساء.

العدد 1104 - 24/4/2024