مفارقات من أيام العيد

ولاء العنيد:

ليس هذا أول عيد يمر على بلادي في فترة الحرب، ولكنه لربما يكون الأول بالنسبة للكثيرين ممن عادوا الى منازلهم، ففرحهم  بعودتهم إلى بيوتهم أكبر بكثير من سعادتهم  بقدوم العيد ليصبح هذا العيد يرمز لسعادتهم القادمة وهموم الإيجار المزاحة عن كاهلهم. بينما وجده البعض كغيره من الأعياد لم يحمل إليهم سوى ذكرى افتقاد من رحلوا في هذه السنوات ومن كانوا يزينون أعيادهم ويكسبونها معنى إضافياَ للفرح بوجودهم، و بفقدانهم لم يعد للعيد بهجة ولم يعد له في القلب مكان، واقتصرت معالمه عندهم على التظاهر بالفرح لإدخال السرور إلى قلوب الأطفال لا أكثر.

هموم وأحزان امتزجت مع العيد، فأصبح ذكرى الفرح تارة و ذكرى التهجير والفقدان والحرمان تارة أخرى، وبين الحالتين يتوزع مقدار الفرح على النفوس في بلادي بين همّ الراتب الذي لا يكفي للديون التي تحمّلها الأهل في فترة العيد لشراء ملابس جديدة لأطفالهم، في ظل غلاء فاحش واستغلال ظالم من قبل التجار لهذه الفترة، وفي غياب تام لأي جهة حكومية تستطيع أن تفرض سيطرتها على الأسعار، وتساعد في التحكم بنسب ارتفاعها وضبط هامش ربح التجار، بحيث يمنحهم الربح دون استغلال الناس لملء جيوبهم عن طريق استغلال حاجاتهم الأساسية على كل الأصعدة، فالارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية وخصوصاً الحلويات في فترة العيد، إلى الملابس وأجور ألعاب الأطفال و إيجار المنازل وأقساط المدارس، كلها منافذ يُستغَل منها المواطن لحاجته إليها، ليشعر بالأمان والاستقرار، وبالسعادة برؤية البسمة على وجوه أطفاله، ومحاولة تأمين أفضل مستقبل لهــم من خـــلال إدراجهم في أفضل المدارس حسب إمكانياتهم.

ولكن لا تفارق المواطن السوري حالة الترقب التي تجعله دائماً في حالة قلق مستمر و ترقب لما ستؤول إليه الأمور وانتظار تحسن الأوضاع أكثر، وبعودة كل الأمور إلى نصابها الصحيح، ليبقى الأمل هو الملاذ الوحيد الذي يمنح السوريين القوة والإصرار لمتابعة الحياة وصناعة مستقبل أفضل لا انتظاره فقط.

العدد 1104 - 24/4/2024