شو عم يصير؟! | “حواضر” حكومية
مادلين رضوان جليس:
اعتادت والدتي أن تفكر فيما ستجهزه على طعام الغداء لليوم التالي، ولكن ذلك كان يفشل في عدة أيام خلال الشهر، فكانت تفكر كثيراً ومطوّلاً قبل أن تقتنع أنها لم تصل إلى طبخة اليوم التالي (المثالية) والمحبّبة للجميع على اختلاف أذواق أهل البيت.
وفي أحيان كثيرة عندما تستنفد كل طاقتها في البحث عن طبخة جديدة كانت تستعيض عنها بـ (حواضر المنزل) من زيتون ومكدوس ولبنة وجبنة، وما إلى ذلك من الأكلات الجاهزة، والموجودة في منزل كل سوري.
البارحة بغياب والدتي، وبعد عقد عدة اجتماعات في المنزل، وعدم الوصول إلى نوع الطبخة التي تلقى رضا الجميع، توصلنا إلى الحل ذاته: (الحواضر)، وهكذا خلال دقائق معدودة كان الطعام جاهزاً، غداء وليس غداء في آن معاً.
هذا الغداء الذي لا يشبه الغداء، ذكّرني كثيراَ بالغداء المتواضع الذي تعدّه لنا الحكومة كل يوم، فبعد عدة اجتماعات، متواصلة ومتفرّقة، طويلة وقصيرة، تحتار الحكومة، أمّنا الثانية، ماذا ستطعمنا من قرارات جديدة، فتلجأ إلى حواضرها.
بعد كل قرار يشعر المواطن السوري أنه فعلاً سمع قراراً لكنه ليس قراراً، وهنا تكمن الصعوبة.
هل يصدّق هذه القرارات باعتبار أنها من أمّنا الحكومة، وأنها أسمتها قرارات، أم لا يصدّقها لأنه جربها مراراً وتكراراً دون أن يشعر بنكهة جديدة لها، ودون أن تحدث شبعاً حقيقياً لا في عقله ولا في معدته؟
يبدو أن المنكهات والبهارات الحكومية، المتمثّلة بفريقها الكبير بدأت تفقد أي تأثير، وأصبحت وكأنها غير موجودة، بلا نكهة ولا طعم، ولا حتى لون.
لذا ننصح الحكومة بإلغاء (الحواضر) من غداء المواطن، والاستعاضة عنه بقرارات مطبوخة على نار هادئة، مضافاً إليها نكهات وبهارات جديدة، بمفعول كبير، والأفضل أن تكون مجربة، قبل الاستعانة بها في تنكيه وتحسين مذاق قراراتها، وحبذّا لو أن الحكومة تغيّر الطبّاخين، فقد يكون أصل المشكلة، في الطبّاخين وليس في المكونات.