الصيف ليس فقط للعب والمرح

ولاء العنيد: 

حلم كل أهل أن يروا أطفالهم يكبرون أمامهم وهم يتمتعون بصحة عقلية وجسدية يترتب عليها سعادتهم وسلامتهم، وأن يتمتع طفلهم بمهارات عقلية وجسدية متعددة تساعده على النجاح والتميز.

ولهذا نشهد معاناة الأهل في محاولة تأمين أفضل مدرسة في الفترة المدرسية، وأفضل طريقة لتمضية وقت فراغهم في عطلتهم الصيفية. وهنا باتت تكمن المشكلة باختلاف ما يقدم للأطفال في هذه الفترة وما يترتب على الأهل من أعباء مادية لقاء ذلك.

صبت المدارس الخاصة والمعاهد المتنوعة جهودها على جذب الأهل لتسجيل أطفالهم واغتنام فترة الصيف، ببرامج مختلفة تضمن على حد تعبيرهم المرح واللعب للطفل. لهذا لوحظ أن الجميع قدم محتوى متشابهاً من رقص وغناء وتمثيل ورياضة بهدف تنويع الأنشطة التي يفترض أن تملأ وقت الطفل بشكل جيد، ومنها ما ركز على المهارات الجسدية والتسلية فقط، وبعضها اتجه إلى المهارات الجديدة العقلية التي دخلت حديثاً واجتذبت الأهل كالحساب الذهني والقراءة السريعة، وبين هذا وذاك انقسم توجه الأهل والمعاهد. فمن كان لديه القدرة المالية الكافية حاول تنظيم وقت طفله ليضعه في أكثر من مكان لضمان تسلية طفله وفائدته في الوقت نفسه. وهنا تكمن المشكلة بين تضارب الأوقات وازدياد الالتزامات المادية على المواطن السوري، فأجور هذه النوادي سببت أزمة مالية للبعض، بينما فضل البعض الآخر عدم تسجيل أطفاله بأي من هذه النوادي بسبب وضعه المادي، فإذا فرضنا أن الأهل حاولوا أن يقدموا لطفلهم جانبين من المهارات فسيترتب عليه مبلغ يتراوح بين ٢٠ و٣٠ ألف في كل شهر، أن لم تحتسب أجور النقل التي لا يتل عن ١٠ آلاف ليرة في شالهر أن كان الدوام ثلاثة أيام في الأسبوع، وهذا ينطبق بشكل كبير على النوادي الصيفية التي تركز على الجمع بين التسلية واللعب والمرح، بينما سيحتاج إلى ما بين ١٠ و ١٥ ألفاً في الشهر لوضع الطفل في دورة تدريبية تهتم بالمهارات العقلية وما تتضمنه من فائدة عملية.

فما هو حال المواطن الذي لديه أكثر من طفل بينما دخله وراتبه الشهري لا يغطي طفلاً واحد إذا أراد الجمع بين المهارات، وهذا الوضع ترك الأهل في حيرة وضغط مادي لا يستهان به، ولا يوجد شيء يضمن قيمة ما يقدم ويراعي حصول الطفل على الفائدة. لهذا نطالب بأن تجري متابعة ومراقبة هذه النوادي وماذا تقدم ومن يقدمها للأطفال؟ وهل هم مؤهلون بشكل كافٍ، إضافة إلى الأخذ بتجارب البلدان الثانية في أن يكون استثمار أوقات الأطفال وفق مناهج تربية وتدريب عالمية تغرس قيم حب التعاون والإبداع والمشاركة مع الآخرين، وأن يكون كل هذا تحت أعين الوزارة، وأن تحدد أجور وأسعار تناسب ما يقدم، وأن يكون هناك تدخل من قبلها كأن تفرض أسعاراً رمزية تساعد بها المواطن السوري على استثمار وقت طفله في الصيف، وتقديم ما يفيد لتكون هذه الأمانة التي في أعناقنا جاهزة لتصبح مصدر فخر وقوة ونماء البلاد.

 

العدد 1104 - 24/4/2024