كل أنثى تسعى أن تعامل كأميرة!

سامر منصور: 

في الذهنية الشرقية تُعتبر الأنثى معياراً لنجاح الرجل ومركزه الاجتماعي، أي لـ(مراجله) كما يُقال في العامية. فالرجل الذي تسير الاناث بخضوع سواء زوجة او أخت او ابنة، إلى جواره وهنّ محتشمات حدَّ تغييب مظهرهن بالكامل وعيونهن تنظر الى الأرض ويتكلمن همساً، كل هذا يجعل الرجل الذي يسير معهن يبدو كمسيطر وأكثر الناس شرفاً!

كذلك، ومن جهة أخرى أكثر رجل تلبس زوجته ذهباً ومجوهرات ولا يجرؤ أحد على إزعاجها ولو بنظرة، يكون هذا الرجل الأكثر رجولة في أعراف مجتمعنا. وبمقابل ما يتمُّ سلبه من حرية الأنثى يتمُّ منحه لها عبر امتيازات تخصُّ مجتمعاتنا العربية كالمهر، مقابل تحمّل الرجل لكافة أعباء الحياة المالية، حيث أن مجتمعنا لا يُلزم المرأة بأية شؤون سوى شؤون التربية وما يُناط بربّة المنزل.

تنظر بعض النساء، خاصة نساء الطبقة الغنية ممّن لديهن خادمات، إلى وضعهن في مجتمعاتنا بعين الرضا، فهن يعشن كالأميرات وهناك عشرات الرجال في محيطهن العائلي سيهبّون كالفرسان لإبعاد أيّ أذى والانتقام إن مسهنَّ شيء. لكن، وكون الطبقة الثرية هي الأكثر قدرة على السفر والاحتكاك بالآخر اختلفت المناظير!

وفي الطبقة الفقيرة والمتوسطة فرضت ظروف الحياة على المرأة العمل والسعي في الحياة والكفاح كما الرجل، ولكن هناك بعض النساء ممّن يؤثرن أن يبقين عالة على الرجل بما فيهن المرأة العاملة حين تستغل انحياز المجتمع لها لتمُنّ على الرجل كونها تعمل وتُنفق، وما أكثر النساء اللواتي يُمننَّ أزواجهن بمساهماتهن في المأكل أو ملبس الأطفال أو إيجار السكن!! رغم أن الملبس والمأكل لأولادهن وكذلك المسكن.

إن الأنثى الشرقية تستثمر الانفتاح والتثاقف والظروف المُتغيّرة لتحصيل حقوقها، ومن جهة أخرى تستغل الذهنية الشرقية التي تمنحها امتيازات عديدة. وعن نفسي ليس لديَّ أي قناعة في أن الأنثى في بلادنا ستتنازل عن الامتيازات المالية وتقنع بالمساواة، لا بل قد تحصل على حق مماثل للرجل في الإرث قريباً، فتتساوى معه دون أن يتساوى معها. وأرى فكرة المهر غير لائقة وكأنني بلسان حال والد العروس يقول: (أنا أعطيك شيئاً ثميناً كلّفني الكثير وتعبت في صونه، فأعطني مبلغاً ما في المقابل)! وتلعب الآداب، خاصة تلك المُستمدّة من تراث المنطقة العربية وجوارها بالإضافة الى أفلام السينما والمسلسلات دوراً يُعزّز تمسّك الأنثى بامتيازاتها اللاموضوعية.. إذ تظهر هذه الفنون المرأة ككائن بهي أنيق متزيّن يقبع في مكان ما في انتظار أن يذبح البطل التنين، أو أن تُقام حرب بين ممالك، أو اشتباكات بين عصابات كي يتمّ تحريره في النهاية ويمنح قبلة دافئة للبطل المُخلّص. أي تعرض معظم هذه الفنون المرأة كمفعول به وليس كشريك وفاعل في المجتمع. إلاّ أننا نراها في مركز نفوذ وقوة حين تكون نائبة رئيس العصابة أو عشيقته، أي أنها تحتّل دور الفاعل فقط إن قرّرت استثمار جمالها وممارسة ألعاب الغواية مع الأسف !!والرأسمالية العالمية تُكرّس الطابع (الأميري) للأنثى كونها أكثر كائن مُتطلّب ومتلاف ومَعني بالمظاهر، أي أكثر كائن مستهلك وتتمُّ تلبيته من قبل محيطه الاجتماعي بحكم كونها أجمل كائن.

العدد 1104 - 24/4/2024