وسائل التواصل.. انتبهوا!

هنا علي يوسف:

رغم تأخر دخول الانترنت وبرامج المعلوماتية إلى سورية، لكن كان لوجودها أثر كبير وإيجابي في التطور والتقدم في جميع المجالات العلمية والاقتصادية والاجتماعية، واستخدمتها الحكومة في حفظ المعلومات وتناقلها بين الوزارات والتشبيك فيما بينها، وسهولة نقل البيانات وحفظها بشكل دقيق وآمن. ومع التطور التكنولوجي وسرعته وحداثة البرامج، وتنوعها أصبحت شبكة كبيرة وغير محدودة من البرامج المتنوعة، فبات الصغير والكبير يتقن التعامل معها وتفاصيل برامجها ويستخدمها في أداء أعماله، إن كان لشأن شخصي أو عام؛ ففي أيامنا هذه أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها جزءاً لا يستهان به من الرأي العام، ولكن هل نستطيع أن نجزم أنه رأي عام واع ومثقف.. أم مسيّس؟ هنا يجب أن نفكر ملياً بهذه المقولة وماذا تعني بكل أبعادها، هل فعلاً هو جمهور يعبر عن رأيه بشكل مباشر أم أن عدة صفحات وأشخاص غير مؤهلين يشكلون رأياً عاماً في قضية ما!؟

في الآونة الأخيرة باتت مواقع التواصل، وخاصة (فيسبوك وتويتر) منصة لطرح الآراء والمشكلات، وحتى للسب والشتم لمن لا يوافق الأخر برأيه أو قناعاته، وحتى للأخبار الكاذبة، والمشكلات الخاصة جدا أصبحنا نراها على العلن دون رقيب أو رادع أخلاقي أو ذاتي

وبضمنها المشاكل التي تحصل في المنزل، فبتنا نلاحظ من يريد عقاب أبنائه ينشر صورهم، ومن يتشاجر مع زوجته يظهر على العلن ويتحدث، ومن يريد تهديد أحد أيضاً أو يجرحه بالكلام، وهنا فقدت هذه الوسائل قيمتها للتواصل وأصبحت لظهور الأمراض النفسية والمشكلات.

ومن أحد هذه المنشورات التي تسبب أذى لكل من يشاهدها: أب يعاقب أولاده لأنهم يلعبون، وقصروا بواجباتهم المدرسية، فحلق لهم شعرهم، ولم يكتفِ بذلك، بل نشر صورهم على مواقع التواصل لتصل إلى ملايين المشاهدين، فماذا سيكون شعور هؤلاء الأبناء وما مدى الأثر الذي سيتركه تصرف الأب على أبنائه أيعقل أنه لا يوجد حل آخر غير هذه التصرف؟ وفي قصة أخرى جد يضرب أحفاده وينشر الصور على الفيسبوك ليراها الأب وهو في خارج القطر فيرسل له مبالغ مالية.

وغيرها كثير من الظواهر التي تنتشر كل يوم ويعلّق عليها من الناس بالسلب والإيجاب وأحياناً بدافع التسلية، من دون معرفة سابقة بأنها ظواهر تزيد العنف وتعطي فكرة عن مجتمعنا بأنه يشجع على العنف والجهل.

فيجب أن يسلط الضوء عليها ومعالجتها من خلال ندوات توعية شاملة في المدارس والمنظمات والمراكز الثقافية، للحد من هذه الظواهر التي قد تؤدي إلى عواقب سيئة النتائج إذا لم يتم التدخل السريع من الجهات المعنية، وهنا يأتي دور الصحافة والإعلام بتوعية الناس، فهذه إحدى أهم وظائفها: التوعية والتثقيف والتعليم والتربية.

لقد أدت تداعيات الغزو الإرهابي لسورية، والمجازر التي ارتكبتها المجموعات الإرهابية الفاشية في كل المناطق السورية إلى انعكاسات نفسية واجتماعية على أطفالنا وشبابنا، هؤلاء الذين نعول عليهم في بناء مستقبل سورية، وطالبنا وما زلنا نطالب بتكاتف جميع الجهود لتخليصهم من هذه الآثار، فهم عماد الوطن.. وضمانة الغد السوري. ولاينقص هؤلاء المشاهد الاجتماعية الشاذة التي ينشرها البعض في وسائل التواصل الاجتماعي.

نقرع هنا ناقوس الانتباه الشديد.. فالأمر ليس بسيطاً كما يظن البعض.

العدد 1104 - 24/4/2024