لا صحافة حرّة بأقلام مبتورة

وعد حسون نصر:

وهنا أعني الصحافة لدى العرب، ولكن لا أظنُّ أن صحافة الغرب تختلف عنها بكثير. فما دامت تُقيّدنا سياسة صحيفة وقوانين إدارة، فلا حرية لكلمة تُكتب وهي تحت ممحاة مسؤول يراقب سيرها. فعلى الرغم من كل الشعارات الطنّانة والرنّانة عن حرية الإعلام وشفافية الكلمة، تبقى الصحافة في أيّة دولة من دول العالم مرهونة بجملة من المحظورات تبعاً لسياسة إدارتها، وعلى الرغم من المعايير المُتعلّقة بحرية الصحافة، والتي سنورد بعضها تبقى صحافتنا معصوبة العين عن الحقيقة المُطلقة بمحظورات فرضها قانون الإعلام.

لعلّ أبرز معايير حريّة الصحافة هي:

_التزام الدولة بحماية حريّة الصحافة وحريّة الرأي.

_ الحق لأعضاء الأحزاب المعارضة في التعبير عن آرائهم ونشرها في وسائل الإعلام التي تمتلكها تلك الأحزاب.

_أيضاً، على الحكومة أن تفسح المجال للأفراد بالحصول على المعلومات حتى لو كانت من الحكومة نفسها، وخاصةً التي تخصُّ الشأن العام لتُسهّل عليهم معرفتها من خلال نشرها.

_ حرية إنشاء الإذاعات والمحطات التلفزيونية وإصدار الصحف.

__إقرار الحريات العلمية والتعـليمية والفنيـة والأدبيـة بكل اتجاهاتها.

هنا تصبح الصحافة منبراً للأصوات الحرّة والمعارضة والرافضة، وخالية من المراقبة وتقييد الحريات.

أيضاً هناك حقوق لحرية الصحافة يجب أن نُسلّط الضوء عليها:

_حق الإنسان سواء كان صحفياً أو مواطناً عادياً أن يطّلع على المعلومات في جميع المجالات والحصول على الأخبار من مصادرها ونشرها وتحليلها والتعليق عليها.

_ إفساح المجال أمام المواطنين والمجتمع المدني بحق الحصول على المعلومات والتعبير عن آرائهم وإنجازاتهم.

_من حق الصحفي ألاّ يفصح عن مصادر معلوماته التي حصل عليها ويبقيها سرية.

ويبقى لنا أن نذكر المحظور في حرية الصحافة:

_احترام حقوق الآخرين وحرياتهم وعدم المساس بحياتهم الخاصة.

__ الحماية القانونية في حرمة الحياة الخاصة ومنع الصحافة من نشر أدق التفاصيل في حياة الأفراد، ووضعهم تحت الأضواء، والتجسس عليهم، والتدخل في كيانهم وحرياتهم الأخلاقية، وإذاعة الأخبار التي تتعلق بهم.

_الامتناع عن الخوض في تفاصيل لا تهم الرأي العام، ولا فائدة منها سوى إيذاء مشاعر الآخرين.

لكن على الرغم ممّا ذُكر سابقاً من معايير وحريات ومحظورات، تبقى الصحافة في العالم بشكل عام والعالم العربي بشكل خاص مقيّدة بقيود خاضعة لإدارة مجلسها، وإن كانت تحت ما يسمى الصحافة المعارضة، فما دام هناك مدقق يحذف ما لا يخدم الوسيلة الإعلامية سواء كانت مرئية أو مقروءة، فهي فقط حرة من وجهة نظر مديرها لا صحفييها، لذلك في عالم الحرية لا ممحاة تمحو آراء الأحرار وخاصةً من هم عين الحقيقة ولسان حال المجتمع، وهذا ما غاب عن الصحافة عندما وضعت قفلاً على فمها ونظارات سوداء على عيونها.

العدد 1105 - 01/5/2024