المواد المهرّبة وباء يجدر مكافحته

ولاء العنيد:

سبّب الحصار الاقتصادي على سورية الكثير من التبعات، ومنها تفاقم ظاهرة التهريب. ولا يخفى على أحد مدى خطورة دخول المنتجات بشكل مهرّب أي بلا رقابة ولا قيود.

منتجات مختلفة تعبر الحدود بأشكال غير نظامية وتنتشر في الأسواق السورية، ومنها ما يمكن أن يحتوي مواد غير مسموح بها في سورية، أو مدة صلاحيتها قد تكون منتهية، وهذا كله يعرّض المنتجات السورية لمقارنة غير صحيحة ويرتب على المواطنين دفع مبالغ إضافية ثمناً لهذه المنتجات المهربة، وأهمّها وأكثرها انتشاراً المواد الغذائية المختلفة.

ومن أخطر المنتجات التي يتم تهريبها الأدوية الأجنبية، لأنها لم تخضع لرقابة لما تحتويه من مواد طبية معالجة، وهل هي ضمن المواصفات العالمية والسورية أم لا.

لهذا يجدر متابعة هذه المواد المهربة وإيقاف انتشارها والحد منها، فمن الضروري أن يكون هناك حملة لمكافحة التهريب على الحدود، ومحاولة ضبطها قدر الإمكان، ومن ثم الكشف عن المسؤولين عن هذه العملية من مخططين ومنفذين ومن يعمل بالتهريب يكون ضمن عصابات منظمة بشدة يصعب الدخول بينهم وكشفهم بسهولة. ولكن إن جرت متابعة الموزعين لهذه المواد ومراقبتهم دون القبض عليهم واعتبارهم المدبرين لعملية التهريب، فما هم سوى الحلقة الأولى من سلسلة تطول لتصل إلى الرأس المدبر والمخطط، فالتحامل على الصغار يمنعنا من الوصول إلى كبار المهربين الذين يوظفون العديد من الناس ويستغلون حاجتهم للمال في تهريب المواد والوقوع ككبش فداء، ويبقون هم في مأمن بعيد عن أعين الحكومة ويتابعون عمليات تهريبهم في الظل.

هناك من ينادي بضرورة شن حملة لمصادرة المواد المهربة الموجودة في الأكشاك والمحلات التجارية، ولكن إن صادرنا البضاعة من هذا الكشك أو ذاك سيجد المهرب بديلاً عنه يأخذ منه بضائعه المهربة. يجب علينا مكافحة المشكلة والقضاء عليها من جذورها، والبحث عن المستودعات التي تخبئ هذا المواد بالتعاون مع كل مواطن سوري يستطيع أن يكون هو أحد أفراد مكافحة التهريب وحماية اقتصاد بلده عبر التواصل مع الجهات المختصة والتبليغ عن أماكن وجود المخالفات والمواد المهربة من مواد غذائية أو أدوية طبية وحتى أقمشة وملابس أجنبية مهربة. ومن المهم جداً أن لا تكون حملات متفرقة وبسيطة، بل يجدر بها أن تكون قوية ومستمرة لا تسمح لأحد بأن يستغل فرصة انشغال المراقبين أو تساهلهم أو حتى الضغوط التي قد يتعرضون لها من قبل المتنفذين.

علينا جميعاً حكومة وشعباً أن نكافح المواد المهربة والعمل على إيقاف تهريبها والحد من انتشارها: الحكومة من خلال ملاحقتهم وضبط الأسواق، والمواطنون من خلال مقاطعتها وعدم الاتجار بها لحماية أنفسنا من احتمال أن يكون بها مواد غير مصرح بها وغير صحية أو غير مطابقة للمواصفات، إلى جانب حماية منتجاتنا السورية ودعمها من خلال الاعتماد عليها ونبذ البدائل المهربة دعماً للاقتصاد السوري الذي كلما قدمنا له العناية والحماية ظهرت آثار هذه الرعاية على تعافيه وقوته وازدهاره.

العدد 1104 - 24/4/2024