التَّعليم المفتوح… هل سيصبح مغلقاً؟

إيناس ونوس: 

أنشأت وزارة التعليم العالي نظام التعليم المفتوح في الجامعات السورية لتحقيق غرضين أو هدفين، الأول يعنيها بشكل مباشر من حيث رفد الوزارة بواردات مالية إضافية، متمثلةً برسوم التسجيل التي يدفعها الطّالب عن كل مادة يقدِّمها، والثاني منح الطلاب الذين لم تُتِح لهم علاماتهم التسجيل في التَّعليم العالي الحكومي فرصة إكمال تعليمهم والحصول على شهادة جامعية، وبغض النَّظر عن سنة حصولهم على الشَّهادة الثانوية.

وفعلاً فقد حقَّق المشروع النتائج المرجوّة منه بكلا الغرضين في السنوات السابقة، إلاّ أن قراراً مناقضاً صدر مؤخراً بحق المتقدِّمين يحصر سنوات حصولهم على الشَّهادة الثانوية بمدة محددة، كان له صدىً سلبيٌّ في أوساط الطلاب والناس عموماً، لأنه حرم كثيرين ممّن لم تُتِح لهم ظروفهم سابقاً متابعة التَّعليم وتحقيق حلمهم.

أضف إلى ذلك، رفع رسوم التَّسجيل سواء للمستجدِّين، أو عند الرُّسوب بكل مادة وإعادة التَّسجيل في ظلّ الظروف الاقتصادية المتردية في البلاد، ما أدّى إلى موجة غضب واستهجان، لعدم وجود مبرر حقيقي وفعّال لهذا الأمر، لاسيما أن الخريجين من هذا النِّظام التَّعليمي لا يُمنحون فرص التَّقدم للعمل والقبول في الدوائر الحكومية، لعدم اعتراف الدولة متمثلةً بمؤسساتها ونقاباتها بشهاداتهم، فمثلاً خريجو الدراسات القانونية لا تقبلهم نقابة المحامين كأعضاء فيها، فشهادتهم لا تتساوى بشهادة من درسوا في كلية الحقوق في الجامعات الحكومية… كذلك فإن خريجي قسم التَّرجمة بفرعيه (الإنكليزية والفرنسية) لم تقبلهم وزارة التربية في تعييناتها الأخيرة، وعندما قرَّرت الاستعانة بهم أخذتهم كمدرسين للمرحلة الابتدائية مثلهم مثل من درسوا كلية تربية اختصاص معلم صف…. ولا أفهم ما هو وجه الشَّبه بين الاختصاصين!؟ وما المبرر لذلك في ظلّ وجود نقص في معلمي اللغتين المذكورتين، في حين أن بإمكانهم سدّ ذلك النقص لامتلاكهم المعرفة فيما يتعلّق بالاختصاص المذكور؟؟

إن قوانين مثل هذه ستؤدي إلى انخفاض نسبة المتقدمين بشكلٍ كبير، وبالتالي ستخسر الوزارة المعنية الهدف الذي كانت قد حققته سابقاً من ناحية الرفد بموارد مادية إضافية ربما كان عليها الاستفادة منه بتطوير المناهج والقيام بدراسات ومشاريع تخدم الصَّالح العام في نهاية المطاف. إضافةً إلى أن شريحة كبيرة باتت تمتلك شبه قناعة بعدم أهمية هذا التعليم لأنه لا فائدة عملية تُرجى منه بعد كل سنوات التعليم.. وبالتالي فلسان حالها يقول: لماذا أصرف النقود وأضيّع سنوات من العمر على ما لا فائدة منه!؟

فإمّا على وزارة التعليم أن تُعيد النظر بهذه القوانين الصَّادرة مؤخراً، وإمّا عليها أن تُعيد النَّظر بالمشروع ككل.. أمّا وأن يبقى الحال على ما هو عليه، وأن يُترك الطلاب في منتصف الطَّريق، لا هم قادرون على المتابعة فيه ولا على العودة عنه، فهنا الطَّامة الكبرى.

وكعادتنا أمام كل القرارات الحديثة، سنبقى بحالة انتظار ريثما تُعيد الوزارة المعنية النَّظر بما عليها فعله، وإلامَ سنصل في نهاية الأمر.

العدد 1104 - 24/4/2024