الأم والمعلم مربّيان فاضلان

حسن البني:

جاءت المصادفة رائعة هذا العام على غير العادة، والجميل فيها، أنها جمعت ما بين عيد الأم والمعلم، فكلاهما هذا العام في 21 آذار الخميس الثالث منه، وهو أيضاً أول أيام فصل الربيع، ليكون رمزاً للتفتّح والعطاء والمشاعر الجميلة والجيّاشة.

والاحتفال هذا العام يجعل للمناسبة أهمية كبرى ترجع لدور كلٍ من الأم والمعلّم في تنشئة الشخصية وباقي احتياجات العملية التربوية، إذ يُكمّل أحدهما الآخر في مرحلة خروج الطفل من الدائرة الأولى والأساس- البيت- إلى المدرسة. فأول صورة يراها الطفل عندما يفتح عينيه على الحياة هي وجه الأم، فهي مرتبطة به في كل مراحل حياته المختلفة من الجنينية وحتى الولادة وما بعدها من عمر يحتاجها خلاله. ثمّ يأتي دور المعلم في الروضة والمدرسة بكل ما يتطلبه من تعليم وتربية مشوبة بكثير من الحنان والرعاية والصبر. وبهذا نجد أن الأم والمعلم كلٌّ لا يتجزأ من منظومة متكاملة لاكتساب المعارف والمهارات التي يحتاجها الأبناء في البيت والمدرسة، إذ يعتبران البيئة المناسبة والأولى لتنمية الإبداع، شريطة أن يتم استغلالها بالطريقة المثلى التي تساهم في تكوين إدراك واسع للأبناء، وتساعد على إتمام العملية الاتصالية التي تبدأ بالمعرفة ثم الإدراك ثم العمل على خلق العادات والقيم وتعديل السلوك وتكوين الرأي حتى تنتهي بتحديد الاتجاه الواجب اتباعه وفق القناعات والقيم المختلفة لدى الأهل والمدرسة، فهما يساهمان في خلق شخصية متوازنة للأبناء تبدأ بالتبلور في البيت بتوجيه الأم وتربيتها على الأخلاق السليمة التي تُعينهم في مواجهة الحياة والتواصل الاجتماعي، وهي في سبيل ذلك تواجه صعوبات عديدة أهمها عصيان الأبناء الذي يتولد عن الدلال أو الشدّة الزائدين. أما في المدرسة فدور المعلم أصعب لأنه لا يتعامل مع طفل واحد أو عدد من الأطفال بل يتعامل مع مجموعة لا تقل عن عشرين طفلاً، وقد يواجه تمرد ثلّة منهم ممّا يعيق دوره التربوي في تنشئة الجيل المتعلم والمثقف والذي تُعوّل عليه الأمة للنهوض ومواكبة العصر، فسلوك بعض الطلاب هذه الأيام مختلف عن أسلافه من الأجيال السابقة، إذ إن البعض لا يكنُّ أيّ احترام لأحد في المدرسة بدءاً من آذنها وانتهاءً بأعلى الهرم وهو مدير المدرسة، فما بالك بمعلم الفصل بينهما؟! واليوم لم يعد لبيت الشعر القائل:

قف للمعلم وفه التبجيلا…

كاد المعلم أن يكون رسولا

أي اعتبار لدى الجيل الجديد، فإذا كان بعضهم لا يحترم أمه أو أباه، فكيف له أن يحترم أستاذه في المدرسة؟ وهذه هي الطامة الكبرى، إذ إنه حال الأم أيضاً في بعض البيئات التي يُسيء الأبناء فيها معاملة أمهاتهم وينسون أن (الجنة تحت أقدام الأمهات)، لذلك أصبح من الضروري إعادة النظر وتعديل السلوك الحالي للأبناء بما يساعد على إعداد جيل واعٍ لواجباته ومسؤولياته في المجتمع والحياة.

العدد 1104 - 24/4/2024