الأمهات والمعلمون.. كعب أخيل!

سامر منصور:

سلمت أيادي الأمهات والمعلمين؟! بل لعنة الله والأجداد عليكم لهكذا تربية!! وأنا أقصد هنا أمهات ومعلمي العملاء والفاسدين والعفيشة والذبيحة والشبيحة وسائر الحثالة عديمي القيم. نحن اليوم أمام إشكالية كبيرة، ويجب بدايةً إعادة تأهيل جيل جديد من الأمهات والمعلمين.. وبما أن علم النفس يقول إن بذور معظم السلوكيات والسمات النفسية وحتى الأمراض النفسية تنشأ في الصغر.. وبما أن العالم بأسره اليوم يرى كم نحن غير أسوياء كمجتمعات عربية، أو بعبارة أدقّ، كم تهاونّا مع غير الأسوياء فينا حتى بلغوا هذا المبلغ وسادت أفعالهم المشهد. ولعلّ دوامات العنف التي نراها اليوم ما هي إلاّ نتيجة العنف الذي تعرّض له هؤلاء عندما كانوا أطفالاً من قبل ذويهم ومعلميهم في مجتمع لديه (فوبيا) الفقر، فيمارس العنف والضغط على الصغار كي يدرسوا أو يتعلموا مهنة ما، وبمجرّد أن يشتدّ عود الأبناء يتمردون.

مهما ارتفعت أسوار المدارس سيبقى الأطفال يقفزون عنها هرباً مادام هناك أستاذ يقف كمارد أمامهم ويحمل عصا يبلغ طولها نصف طول الطفل تقريباً. تكاد لا تُحصى المرات التي سمعت فيها الأستاذ يقول العصا من الجنة، وهي عبارة يستحي أن يقولها مزارع ياباني أو أوربي للبقر في بستانه. وكلما صادفتُ غير متعلّم وسألته لماذا تركت الدراسة؟ أجابني: الأساتذة كانوا يضربوننا ويكلفوننا بالكثير من الوظائف. والمشكلة أن الكثير من هؤلاء البسطاء غير المتعلمين كان يقول أنا أكره الدراسة والكتب والقراءة في معرض حديثه، بينما هو في الحقيقة يكره ما تعرّض له في المدارس من قبل الكادر التدريسي. ولن أنسى يوماً تلك العبارة التي قرأتُها في صفحة الفنان التشكيلي موفق مخول (أول إرهابي قابلته في حياتي هو المدرّس في المدرسة. ولن أنسى مشاهد من هم في مقتبل الشباب وهم يمزقون الكتب المدرسية بعد انتهاء الامتحانات بفرح عارم وكأني بهم عبيد يحطمون الأغلال.

إن المُدرّس الذي يمارس العنف، يمارسه في معظم الحالات بسبب جهله بأصول التربية في معظم الأحيان وليس لأنه يحمل نيّة سيئة، بل على العكس، وكم من شرٍّ وقع بسبب فعل كان يُراد به خير.

وللأمهات اللواتي يقلن دوماً: (أنا ربيت وتعبت.. أفنيت عمري بالغسيل والطبخ والجلي والتنظيف لصار ابني رجال بشارب)، أقول: ما قيمة كل هذه الشؤون وأنت لم تقدمي لابنك الرعاية الأخلاقية والسلوكية، فاستحلتِ إلى منشئة مجرم أو فاسد مفسد.. جلَّ الكائنات ترعى صغارها فلا امتياز لك ولا فضل ما لم ترعي وعي ومبادئ أبنائك.

الدور السلبي للوالدين: نحن في سورية لا نتحدث عن آلاف الإرهابيين المرتزقة أو العفّيشة وتجّار ومتعاطي المخدرات والفاسدين، بل عن أعداد أكثر بكثير.. والسؤال: كيف ترضى الأم العربية أن تأكل وتتنعم بأموال ابنها المرتزق للغرب أو العفيش..إلخ..؟ كيف ترضى أساساً أن تكلمه أو تنظر في وجهه؟!! لولا قبول أو لنقل هوامش القبول العريضة لدى الأمهات والآباء ووجود بيئة حاضنة للشرّ ضمن الأسر لما رأينا هذه الظواهر المرعبة بهذا الشكل الفجّ، والسبب الأهم باعتقادي لهذا القبول هو رهاب الجوع والفقر الذي زرعه الاحتلال العثماني والأوربي على مدى قرون، ومازال العرب يتوارثونه في ظلّ حكومات استقلّت عن الغرب، لكن جُلّ مسؤوليها لم يستقلوا عن جشعهم وأنانيتهم، فكانت النتيجة دول فاشلة وفاسدة وشعوب النزر اليسير منها يرى في المال لا في دولة العدالة والقانون – التي لم يحظَ بها – ضمانة له ولكرامته فيلهث وراءه. نحن باختصار أمام جيل تربّى معظمه على أن ما تريده لا يتحقق إلاّ بالعنف، بالفلقة والعصا والقشاط.. إنه جيل جلّه لا يؤمن بقوة المنطق أو قوة الحق، بل تربّى على الإيمان بحق القوة وها هو ذا اليوم، حينما توفر السلاح وسائر وسائل القوة والنفوذ يفعل ما ترون وما تعلمون.

وفي الختام أهنئ أمتي العربية والإنسانية جمعاء بالأمهات والمعلمين الصالحين.. لكم انحناءة تقدير ومودة، ومعذرة منكم لهذا المقال المُغاير.. لكن، من أبكاكِ وحرق قلبك أيتها الأم الصالحة.. يا أم الشهيد.. هي الأم السيئة التي لم تربِّ ولدها جيّداً، أو ربّته على السوء. ومن قتل بعض زملائك والعديد ممّن كانوا تلاميذك أو هجرهم أيها المعلم الصالح هو المُدرّس السيّئ الجاهل بأصول التربية.

العدد 1104 - 24/4/2024