شو عم يصير | عدوى تَمْنين

مادلين جليس:

انقطع الغاز واعتمدنا على الطعام الجاهز، آمنّا وصدّقنا.

توقف إنتاج المازوت ونسينا حتى رائحته المزعجة، قلنا: أمر الله، وأمر الحكومة من بعده!

حُرمنا من الكهرباء، وأصبحنا نعيش الليل ليلين، ولا نرى من الضوء سوى نور الشمس، تعوّدنا، فليست الظلمة الأولى التي نعيشها، بعد كل الخيبات التي أطفأت الانوار في قلوبنا. لكن أن نُضرَب ب(منّيّة) ع الطالعة والنازلة، فهذا ما لا طاقة لنا على تحمّله، لا من قريب ولا من بعيد، وخاصة أن هذه المنّية ترافقنا في كل شيء. وإذا كنا منصفين فسنقول إن المواطن المعثّر اعتاد على هذه (المنّية) من خلال تصريحات المسؤولين، كمثل تصريح وزير المالية، على سبيل المثال لا الحصر، عندما قال لإحدى وسائل الإعلام إن  خزينة الدولة تدفع مطلع كل شمس ثلاثة مليارات ليرة، أي ما يعادل 6 ملايين دولار كدعم اجتماعي، منها مليار ليرة لدعم إنتاج الخبز، ومليار ليرة لدعم الطاقة الكهربائية وتأمينها وفق التعرفة المعتمدة من الحكومة، ومليار ليرة لتأمين المشتقات النفطية لمختلف الاحتياجات الصناعية والمنزلية والنقل وغيرها. ومن ذلك أيضاً تصريح برّاق يُمنّننا أكثر منه إذ يقول إن كلفة الربطة 200 ليرة سورية، وإن إجمالي الكلفة اليومية للخبز الحكومي نحو 646 مليون ليرة، وثالث يذكّرنا بأن قيمة العجز التمويني الناتج عن دعم الخبز يصل إلى 378 مليار ليرة سنوياً. وكما قلنا فقد اعتاد المواطن على المنية، من تصريحات المسؤولين، وصارت أمراً أقلّ من عادي، لكن الأنكى من ذلك أن المواطن نفسه بات يمنّن أخيه المواطن وكأنما أصابته عدوى (التمنين) الحكومية، وأصبح يطبّقها مثله مثل أي مسؤول: (احمد ربك أنك موظف! غيرك مو ملاقي شغل. احمد ربك إنك عم تاكل، غيرك مو ملاقي أكل!).

وعلى هذا المنوال قس كل حياة المواطن، من الأكل والشرب والوظيفة والنوم وحتى المشي والحياة والموت، كل شيء بمنّية.

العدد 1104 - 24/4/2024