ماذا تريد قوى العدوان من الفرع العربي للناتو؟

محمد علي شعبان:

بعد تشكيل فرع عربي لحلف الناتو، بمشاركة وإدارة صهيونية، وانكشاف العلاقة القديمة-الحديثة، بين الكيان الصهيوني وبعض الدول العربية، والتي تهدف إلى العديد من المهام المشتركة، بين دول الرجعيات العربية ومعهم جمهورية مصر العربية من جهة، والكيان الصهيوني، ومن معه من الدول الاستعمارية، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفي مقدمة هذه المهام:

1-التأكيد أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، هي العدو المشترك لجميع المشاركين في اجتماع وارسو، واتهامها بدعم الإرهاب، ورعاية التطرف، وأنها المسؤولة عن عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وطالما دعمت وتدعم حزب الله في لبنان، لذلك يجب معاقبتها، من قبل الكيان الصهيوني وحلفائه العرب بشكل عام، واللبنانيين بشكل خاص. وتُتّهم إيران أيضاً بأنها المسؤولة عن فتنة طائفية في المنطقة بحجة دعمها لحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وكأن العلاقة بين المسلمين في معظم الدول الإسلامية، في أفضل حالاتها، دون التدخل  الإيراني بالمنطقة. وهل غاب من الذاكرة الصراعات الإسلامية- الإسلامية والصراعات العائلية على السلطة في معظم الدول العربية والإسلامية، بعيداً عن التدخلات الإيرانية في شؤون هذه الدول؟!

2-محاولة التعتيم على مشروع الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة والعالم، الذي يهدف إلى إقامة شرق أوساط جديد، تكون فيه إسرائيل قائد الفرقة وموزع الأدوار والثروات، وإطعام من تريد، وتجويع من تريد، لخلق ظروف مواتية جديدة تهدف إلى إبرام صفقة القرن، التي تسعى إليها أمريكا والكيان الصهيوني، منذ وصول الرئيس الأمريكي ترامب إلى السلطة، وتجلى ذلك باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية، بأن القدس عاصمة للكيان الصهيوني، دون أي اعتبار لمشاعر العرب من مسلمين ومسيحيين، ولم تكتفِ بذلك، فقد مارست الضغط على بعض الدول لنقل سفاراتها من تل أبيب إلى القدس باعتبارها عاصمة الكيان الصهيوني بالمنظور الأمريكي.

3- خلق حالة انقسام مذهبية عميقة، داخل الدول العربية، تعمل من أجلها جميع الدول الاستعمارية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وإسرائيل، بغية الوصول إلى التقسيم، وإقامة دويلات طائفية، ومذهبية وقومية، تهدف إلى تبييء الكيان الصهيوني، ونزع عنه السمة العنصرية الوحيدة في الإقليم. والعمل على تعميق الانقسام الفلسطيني _الفلسطيني وخلق صراعات وتناحر بين أبناء الشعب الواحد، بأموال خليجية وصمت مصري وإدارة أمريكية.

إن إقامة صراع كهذا وتحقيق هذه الأهداف، يجعل جميع دول المنطقة العربية في حالة من الهشاشة، ليس لها شبيه في التاريخ. ومعلوم لدى الجميع، أن معظم حكام الدول العربية يستمدون قوتهم وشرعيتهم من تلك الدول، التي تتحكم بثروات المنطقة العربية منذ زمن طويل، وتفرض على حكام هذه الدول قمع شعوبها، وتثبيت تبعيتها، كما ثبتت اتفاقية سايكس بيكو.

هكذا تتحول دول منطقة الشرق الأوسط إلى أدوات بيد الولايات المتحدة الأمريكية، لتكمل مشروعها، بإضعاف الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وخلق صراعات مذهبية وطائفية داخلها، وتكليف بعض الدول العربية بإدارتها، تستنزف من خلالها عائدات النفط، مقابل بيع السلاح لهذه الدول.

إن مشروع التفتيت والتقسيم، الذي تعمل من أجله قوى العدوان بقيادة أمريكية لا يستهدف إيران فقط، إنه يستهدف تركيا أيضاً، وهي في حالة من الجاهزية والاستعداد للّعب بمكوناتها الداخلية، وهناك العديد من نقاط الضعف التي تجعل الأمريكي يستغلها لمصالحه، بحكم العلاقة القديمة بينهما، ووجودهما في تحالف مشترك منذ خمسينيات القرن الماضي.

إن ما تقوم به قوى العدوان لا يستهدف بلداً محدداً، بل يستهدف جميع دول العالم، وحسب أولوياتها.

إن ممارسة العقوبات الاقتصادية الجائرة على روسيا الاتحادية وعلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وفنزويلا والصين، خير دليل على نوايا الإدارة الأمريكية السيئة ليس تجاه دول الشرق الأوسط وحسب، إنما تجاوزته لتطول دول أمريكا الجنوبية وجميع دول آسيا.

وبناءً على ما تقدم، توجد العديد من الأسئلة، التي تحتاج إلى إجابات، من قبل مجموعة الدول العربية والإسلامية، وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية، التي تعتبر نفسها  وصية على الإسلام، وراعية لمصالح المسلمين، والحريصة على وحدتهم، وحماية مقدساتهم.

فهل يعقل أن تسلم المسجد الأقصى، بما يرمز، للصهاينة؟! وهل يعقل أن تكون المملكة العربية السعودية صديقة وحليفة للكيان، وعدوة لتركيا المسلمة؟ ولإيران المسلمة؟! وهل يعقل أن تُدمر اليمن بهذا الطريقة الوحشية، من قبل دول شقيقة وعربية ومسلمة؟!

وهل قضية الشعب العربي الفلسطيني المُهجّر في جميع دول العالم، أصبحت لا تعني دول الفرع العربي للناتو؟!

إن ما فعلته دول العدوان بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، بالتعاون مع بعض الدول العربية، والتواطؤ من البعض الآخر، يقتضي إعادة النظر بالعديد من المواقف والتكتيكات تجاه قضية العرب المركزية (قضية الشعب الفلسطيني) وعدم الوثوق بهذه الدول، التي تتحالف مع أعداء الشعوب بشكل عام، والشعب العربي بشكل خاص.

العدد 1104 - 24/4/2024