دور المجالس المحلية في عملية التنمية المحلية.. الوزارة جهة وصائية ومتابعة

مادلين جليس:

تعتبر الإدارة المحلية إحدى الركائز الأساسية لإنجاح مشروع بناء الدولة، فهي تتيح للناس فرصة المشاركة في رسم السياسات والمساهمة في تحقيق التنمية، إلى جانب دورها في التأكيد على التنوّع المميز للمجتمع السوري والإرث الثقافي والاجتماعي لكل مكوناته، وكيف يمكن لكل ذلك أن يساعد على دعم الاستقرار والتماسك المجتمعي.

والواقع اليوم بعد سنوات الحرب يشير إلى ضرورة صوغ رؤية تنموية محلية تنبع من احتياجات وموارد كل منطقة، والعمل مع الوحدات الإدارية في تلك المناطق، وتعزيز حضورها الاجتماعي والمؤسساتي من خلال المساحات الكبيرة التي أتاحها قانون الإدارة المحلية وغيره من القوانين كقانون التشاركية، بما يؤسس لحضور فاعل ومؤثر للقطاع الخاص في عملية التنمية، الأمر الذي يقتضي ضرورة استهداف المجالس المحلية على بناء قدراتها، إلى جانب توعية المجتمعات المحلية بدورها التنموي.

وبغية تشارك الرؤى المستقبلية وصياغة آفاق المرحلة القادمة في ظل قراءة واعية للمشهد السوري والعناوين الكبرى له، عقدت حركة البناء الوطني في مقرها بدمشق جلسة حوارية لمناقشة مسار عمل (مشروع الإدارة المحلية والتنمية) الذي أطلقته الحركة منذ عام ،2017 بهدف فتح النقاش حول دور كل من المجالس المحلية والمجتمعات المحلية والقطاع الخاص في عملية التنمية وسبل التشارك فيما بينها، بحضور ممثلين عن وزارة الإدارة المحلية وهيئة التخطيط الإقليمي، وهيئة المصالحة الوطنية، وإعلاميين وأعضاء مجالس محلية.

 

من النظري إلى التنفيذ

وحول رؤية حركة البناء الوطني لمشروع الإدارة المحلية والتنمية خلال عام ،2019 قال المحامي أنس جودة (رئيس حركة البناء الوطني): (أطلقنا مشروع الإدارة المحلية والتنمية منذ عام 2017 في محاولة لأن تكون جهود تشاركية لبلورة مجموعة من المقترحات والتوصيات لمسار المرحلة القادمة، فقد عملنا على تهيئة مساحات خصبة للتفاعل والحوار فيما بين المجتمعات المحلية ومجالسها المنتخبة، بهدف صياغة رؤى تنموية محلية اعتماداً على الرساميل المجتمعية المتوفرة، مع الأخذ بعين الاعتبار أبعاد التنمية (الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية) بهدف الانتقال من الإطار النظري إلى التنفيذ على أرض الواقع، دون أن يغيب عنا المشهد السوري المركب بكل تحدياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، واستطعنا تحقيق خطوات هامة على صعيد التشاركية مع الأجهزة المحلية والمجتمعات المحلية).

 

علاقات جديدة

المشرف البحثي مازن بلال بيّن أنه من الصعب البحث في الخروج من نتائج الأزمة السورية دون علاقات جديدة تعيد إنتاج التنمية وتجعلها جزءاً من التكوين الاجتماعي، وأضاف بلال: (صحيح أن موضوع التنمية هو وطني مركزي بجوهره لكن حوامله في النهاية اجتماعية محلية، أي أنه يجب أن ينتقل من مجرد مصطلح إداري تقني ليصبح حالة تنظم الإيقاع المنتج للمجتمع عموماً، فالتنمية بهمومها الاجتماعية تستطيع أن تشكل مساراً يمكنه أن يصل ليخلق توافقاً على المستوى الوطني عبر ضبط إيقاع العمل السياسي بأشكال منتجة قادرة على تطويع الاستعصاءات الاقتصادية والسياسية عبر علاقات مختلفة تخرجنا من المواقف المتشددة وتجعل البرامج الاجتماعية – التنموية أساساً لعمل القوى ابتداءً من الوحدات الأصغر، وربما سيشكل هذا المسار البداية للخروج من الإشكالات كافة.

وعن دور هيئة التخطيط الإقليمي في مشروع الإدارة المحلية، أكد ماهر الرز (مدير الدراسات والخطط المكانية في الهيئة) أن الهيئة تعمل على العلاقات المكانية والقطاعية والعلاقات بين الجهات بشكل عام سواء الأفقي أو الشاقولي، علما أن هناك ثلاثة مستويات للتخطيط (الإقليمي والوطني والهيكيلي)، مشيراً أن العلاقة الجيدة المرسومة بطريقة صحيحة بين هذه المستويات هو ما يؤدي إلى نجاح عملية التنمية، وأي خلل في محور واحد سيؤثر على باقي المحاور، وهذا ما يمكن أن نراه في كثير من الأماكن.

وأشار الرز أن المشكلة الأهم التي تعترض التخطيط في الوقت الحالي هي نقص الكوادر العاملة فيه، خاصة أن بناء الشخص المخطط يحتاج خبرة تمتد بين 10 إلى 15 سنة، فالهيئة تستطيع في الوقت الحالي أن تستقدم كوادر لكن يجب أن تدرّب، وهذا ما يحتاج إلى وقت كي تظهر نتائجه.

وأشار الرز أن الهيئة بدأت بتدريب كوادرها، إضافة إلى تدريب كوادر بعض الجهات الحكومية التي لها علاقة بهيئة التخطيط الإقليمي.

ولكن وبحسب الرز أن عملية التنمية لا تقتصر فقط على الجهات الحكومية، بل تمتد إلى القطاع الخاص والمواطن على حد سواء، وهذا ما يتم التخطيط للعمل عليه في الفترة القادمة بحيث يتم تدريب المواطن ليتعرف على دوره في عملية التنمية، ماذا قدم لهم التخطيط، وما علاقتهم بالمجالس المحلية.

 

جهة وصائية فقط!

بسام قرصيفي (مدير المجالس المحلية في وزارة الإدارة المحلية والبيئة)

أشار أننا الآن في بدايات دور محلي جديد بدأ منذ شهرين، وأن الوزارة هي الجهة الوصائية على عمل المجالس المحلية والمنوط بها متابعة حسن تطبيق قانون الإدارة المحلية، أي أن مهمتها الأساسية في الدور الأول تقديم المعونة للمجالس في أداء دورها وفق مراسم قانون الإدارة المحلية.

وأشار قرصيفي أن هناك خطة تدريبية وتأهيلية رسمتها الوزارة وبدأت بتنفيذها، إذ ستقوم بتدريب أعضاء المجالس المحلية وإمدادهم بالخبرات والمعلومات.

وعلى الرغم من الآراء التي تقول إن دور الوزارة مازال قاصراً عن مواكبة هذا المشروع بالشكل الأمثل، إلا أن قرصيفي نفى ذلك مشيراً أن الأزمة أضرّت بالعمل المحلي كغيره من قطاعات الدولة، لكن الوزارة تعمل على إعادة دور المجالس المحلية، بالشكل المطلوب منها على أفضل وجه.

العدد 1104 - 24/4/2024