ما بين الآباء والأبناء قصة حب واحترام

إيمان أحمد ونوس: 

تقوم العلاقة ما بين الآباء والأبناء على أساسٍ من المحبة والعطاء اللامحدود، الذي لا يبغي من ورائه سطوة أو منفعة أو ما شابه، إنه العطاء بصيغته العفوية- العاطفية وتحديداً لدى الآباء، ذلك أن الأبوّة والأمومة خيار حرّ لديهما يحتاج إلى كثير من الجهد والعطاء من أجل بناء شخصية الأبناء وفق منظورهما القائم على ما يمتلكانه من فكر وثقافة تؤهلهما لتلك المهمّة الشّاقة والعظيمة. في الوقت ذاته لا يُمكننا اعتبار البنوّة فعلاً أو اختياراً حراً، لأنه ما من ابن اختار بذاته أن يكون ابناً لهذين الأبوين أو سواهما، وبالتالي، فإن العلاقة مع الأبوين مرهونة بمدى تقدير واحترام شخصية الابن وإفساح المجال له للتعبير عن ذاته، أو مشاركته الرأي في كل ما يتعلّق به أو بالأسرة عموماً وفي مختلف المجالات، وكذلك استقلاليته حين يصل إلى عمر يؤهّله لذلك. وأيضاً هناك مسألة على غاية من الأهمية في العلاقة المتبادلة بين الآباء والأبناء، ألا وهي أن تربية أو تنشئة الأبناء ليست واجباً أو منّةً أو ديناً مفروضاً عليهم الوفاء به، بل بالعكس، على الآباء أن يُشعروا أبناءهم بالفرح والعزّة والكرامة أن لديهم أبناء كهؤلاء، ممّا يُشعر أولئك الأبناء بالفخر لوجودهم مع هؤلاء الآباء، واعتبارهم مرجعاً هامّاً وأساسياً فيما يعترضهم من إشكاليات أو عقبات، أو مراكمة معرفة واكتشاف أثناء نمو وبناء شخصيتهم وثقافتهم وفكرهم.

فإذا ما كانت العلاقة بين الآباء والأبناء قائمة على الأُسس التي ذكرناها، فلا شكّ أن حياة الطرفين ستكون آمنة، مُستقرّة وهانئة لا تُنغّصها صعوبات ومشقّات الحياة مهما طغت.

من هنا على الزوجين حين يُقرران أن الإنجاب، أن يمتلكا ثقافة تربوية متعددة المجالات تؤهلهما لأبوّة تعمل حقيقة- وبلا انتظارٍ لوفاء- على بناء شخصية إنسان حرّ فاعل ومتفاعل، قادر على احترام ذاته وأسرته ومجتمعه.

العدد 1104 - 24/4/2024