كيف ننصف ذوي الاحتياجات الخاصة؟

حسن البني: 

إن العديد من المجتمعات وبالأخص مجتمعنا السوري، ينظر إلى المعاقين وكأنهم بشر مختلفون عن طبيعة البشر العاديين، فالبعض يعتقد أنهم غير مؤهلين للاندماج في المجتمع، ونحن نعاني من نظرة البعض إليهم نظرة دونية، ممّا يجعلهم يُميّزون بينهم وبين الأشخاص الأصحاء جسدياً، وكأن الإعاقة فقط في نقص عضو من الجسد!

في هذه النظرة، خطأ جسيم يُرتكب بحقّ كل إنسان ابتلاه الله بهذه الإعاقة، فالبعض يتمادى بالتمييز إلى حدّ العنصرية واعتبارهم أصحاب عاهات لا يستحقون صفة البشرية، لكن، من غير المقبول أن نحكم على إنسان ما بناء على إعاقة جسدية، فبدل الاستهزاء بهم، لماذا لا نؤهلهم في جميع المجالات؟ ولم لا نشجعهم على الابتكار والإبداع؟ فهناك العديد من ذوي الاحتياجات الخاصة والإعاقة الذين برعوا وأبدعوا في العديد من المجالات، ولم تُثنهم إعاقتهم عن إعمال العقل والفكر، وقد نلاحظ إنجازهم المُبهر لبعض المهام الموكلة إليهم بدقّة وحرفية أكثر من الأصحاء جسدياً، فقد أطلق عليهم خبراء علم النفس تسمية (ذوي الاحتياجات الخاصة) وهي بالإنكليزية ((SPECIAL NEEDED)) وهذا يعني المتميّزون، لأنهم متميزون فعلاً بالبراعة والإبداع، وقد أثبتوا جدارتهم وقدرتهم على تحدي إعاقتهم بكل ما أوتوا من إصرار وعزيمة، فما من إنسان منّا إلاّ ويُعاني من مشكلة ما، قد لا تكون جسدية بل نفسية في الكثير من الأحيان، فالبعض من الأطفال قد يُعانون صعوبات في التعلّم أو النطق في بداية حياتهم، ولكن مع المتابعة ووجود الأدوات المناسبة للتعلّم، يمكن علاج وتصحيح النطق لديهم وإدماجهم في المجتمع، لذلك لا مبرر للنظر بدونية إلى أيّ إنسان مهما كانت إعاقته، ويجب أن نسمّي الأشياء بمسمياتها، بل يجب النظر إلى ما وراء ذلك وما يعود  بالنفع العام على الفرد والمجتمع.

وأعتقد أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والقائمين عليها قد وفقوا هذا العام في اختيار شعار لليوم العالمي لذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة والذي يُصادف في الثالث من كانون الأول وهو (تمكين ذوي الإعاقة وتحقيق المساواة)، فالمساواة هي أصدق وأنصف تعبير لمشاعر المعاق في الحصول على حقوقه أسوة بأقرانه من البشر الأصحاء لما في ذلك من ضمان لحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة. كما يجب ألاّ نعتبره غريباً عنّا بأيّ شكل من الأشكال، وذلك بالمساهمة في إدخاله وتأهيله في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، فالهدف الأساسي من تخصيص هذا اليوم هو دعم ذوي الاحتياجات وزيادة الوعي لفهم قضايا الإعاقة، فالمعاق إنسان قبل اعتباره معاقاً.

العدد 1105 - 01/5/2024