احتفال رابطة النساء السوريات بالذكرى السبعين لتأسيسها

احتفلت رابطة النساء السوريات في الرابع والعشرين من شهر تشرين الثاني في دمشق بالذكرى السبعين لتأسيسها، والذكرى الرابعة والتسعين لتأسيس الحزب الشيوعي السوري، وذكرى المئة عام وعام على ثورة أكتوبر الاشتراكية.

كان الاحتفال جماهيرياً ناجحاً ومتميزاً بكلماته وأشعاره وموسيقاه وأغانيه الرائعة.

حضر الاحتفال عدد من الرفاق والرفيقات وعدد من الشخصيات الوطنية بينهم د. سلوى العبد الله (وزيرة الدولة لشؤون المنظمات المحلية)، ورئيس اتحاد عمال دمشق، وممثلات عن المنظمات النسائية السورية والفلسطينية، وعدد من أعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري الموحد.

افتتحت الاحتفال الرفيقة هدى مللي (عضوة المكتب التنفيذي للرابطة) بالنشيد العربي السوري، وبكلمة موجزة عن برنامج الاحتفال.

كلمة الافتتاح ألقتها الرفيقة وفيقة حسني، رئيسة رابطة النساء السوريات، وكلمة الرابطة في ذكراها السبعين، ومحطات من تاريخها المجيد، ألقتها الرفيقة زينب نبّوه (عضوة المكتب التنفيذي للرابطة، مسؤولة العلاقات الخارجية).

وألقت الشاعرة مادلين إسبر، بمرافقـة الرفيق بشار خريستين، قصيـدة شعرية في المناسبة هذه مقتطفات منها:

سأصوغ من لحن آلامي

أبجدية جديدة للحياة

ومن وجعي اليومي

أصابع أخرى للكتابة والصلاة..

وأحوك فماً..

لن يرتجف بعد اليوم..

نسجته من قطرات المطر..

وشعاع الشمس..

وتراب القمر..

فماً لا يشبه الأفواه..

بل يشبه صرخة القدر..

أنا عشتار يا تموز

أمّ الخصب..

لن أبقى بعد اليوم نائمة..

خلف الأبواب

كما قدمت عائلة الشاعر والأديب يوسف الجادر وأولاده يعقوب وشغف أغاني جميلة بمرافقة عزف رائع.

وقدم الرفاق من جبل العرب (سيطان الشحف ونوال الشحف) أغاني وطنية وموسيقا جميلة.

 

 

 

كلمة الحزب الشيوعي السوري الموحد:

 

ألقت الرفيقة وفيقة حسني ، وزيرة الدولة لشؤون الاستثمار، عضوة المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري الموحد، كلمة جاء فيها:

الصديقات والأصدقاء.. صباح النصر والفرح والبناء!

تحية إجلال لكل لشهداء الوطن الذين عطروا بدمائهم تراب الأرض ليبقى الوطن!

تحية عزة واحترام وولاء وحب للجيش العربي السوري!

نجتمع اليوم لنحتفل معاً بالعام السبعين لولادة رابطة النساء السوريات.

اسمحوا لي في البداية أن نتضامن معاً في إحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، الذي يصادف يوم غد الخامس والعشرين من تشرين الثاني، الذي يمثل أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشاراً وتدميراً في عالم اليوم، والذي لايزال معظمه غير مبلغ عنه بسبب انعدام العقاب والصمت والإحساس بالفضيحة.

نعود إلى احتفالنا

ففي الثامن والعشرين من تشرين الثاني عام 1948 تأسست رابطة النساء السوريات لحماية الأمومة والطفولة في دمشق، وكان لها امتداد في المحافظات السورية كافة، وذلك بدعم وتعاون الحزب الشيوعي السوري، وكانت الرابطة الفتية تعبيراً طبقياً عن طموح جميع النساء الكادحات من مختلف القطاعات والفئات الاجتماعية، التي لها مصلحة حقيقية في النضال من أجل قضايا المرأة وحقوقها وقضايا الأسرة والمجتمع.

عقد المؤتمر التأسيسي الأول للرابطة في دمشق عام 1949 بعد عام كامل من نشوئها وعملها، وقد طالبت الرابطة بترخيص نشاطها عام ،1953 ونالت الترخيص عام 1957.

وفي مؤتمرها التأسيسي الأول وضعت المنظمة الفتية التي آمنت بأن تحرر المرأة هو الطريق لتحرر المجتمع، الأهداف والتوجهات والقرارات التالية:

توعية النساء من أجل مساهمتهن في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية

تشجيعهن على الانتساب إلى الأحزاب السياسية والنقابات العمالية والفلاحية والمهنية وغيرها من حركات التغيير الاجتماعي.

مكافحة الأمية المنتشرة في أوساط واسعة جداً من النساء والفتيات والمطالبة بإصدار قانون لمحو الأمية.

النضال لتعديل القوانين والتشريعات المتعلقة بالمرأة.

تطبيق قانون التعليم الإلزامي للإناث والذكور.

توفير دور حضانة ورياض أطفال للعاملات والموظفات.

إيجاد مراكز للتوليد ومستوصفات صحية في الريف.

تعرضت العديد من الرابطيات السوريات للاضطهاد في عهد الدكتاتورية والإرهاب، وزج بعضهن في السجون، كما عبرت عن مواقفها منذ تأسيسها وبأشكال مختلفة بما يخدم المطالب الأساسية لجماهير الشعب وخصوصاً جماهير النساء.

تصدّت الرابطة للعديد من القضايا التي تهم المجتمع:

تغيير المواد التمييزية في قانون الأحوال الشخصية السوري

رفع التحفظات السورية عن اتفاقية منع التمييز ضد المرأة (سيداو)

قانون الانتخابات

قانون الجنسية

التضامن مع القضية العادلة للشعب الفلسطيني وحقه في العودة إلى وطنه وتقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة.

محو الأمية في أوساط النساء

العمل على وحدة الحركة النسائية التقدمية داخل الوطن وعلى الصعيدين العربي والعالمي لتوحيد الجهود والطاقات في جميع أنحاء الوطن وخاصة الطاقات النسائية من أجل النهوض بقضية المرأة والوقوف بوجه المؤامرات المتعددة التي يتعرض لها وطننا كل يوم من جانب الإمبريالية والرجعية وكل أعداء التقدم.

كرست الرابطة الجزء الأكبر من نشاطها للذود عن الطفولة، وناضلت من أجل القضاء على كل أشكال القهر والعوز والحرمان التي يتعرض لها أطفالنا، وناضلت من أجل إيجاد وتطوير المنشآت الخاصة بالأطفال، وقامت بحملات واسعة في سبيل منع تشغيل الأحداث وحمايتهم وتوفير ظروف معيشية وثقافية سليمة لهم.

حازت الرابطة على وسام (أوجيني كوتون) عام 1970 تقديراً لنشاطها في شتى الميادين المتعلقة بالمرأة.

وقد عقد المؤتمر الثامن للرابطة هذا العام بعد انقطاع طويل، رغم أن نشاط الرابطيات لم ينقطع وواصلن نشاطهن رغم المصاعب الموجودة وخسارة العديد من الكوادر النسائية بسبب ظروف الحرب القائمة.

الآن المهمات الملقاة على عاتق الرابطة وعلى كل المنظمات النسائية كبيرة، فتداعيات الحرب تفرض علينا الوقوف معاً لمعالجة هذه التداعيات. وللسير قدماً لتحقيق المساواة الإنسانية البناءة.

ودعوة كل القوى والهيئات الوطنية في البلاد إلى تدارس سبل تنظيم وتطوير النشاط النسائي على أساس ديمقراطي تقدمي وفق برامج تستوعب الطاقات النسائية الواسعة، ويساعد على بناء فضاء يتوازن فيه مجتمعنا بما يحقق التطور في مختلف جوانبه.

ولا يسعنا في النهاية إلا أن نذكر وباعتزاز أسماء المناضلات رائدات الحركة النسائية التقدمية منهن من مضى ومنهن مازلن يتابعن رحلة النضال:

آمنة السباعي، سلمى البني، أمينة عارف قصاب حسن، عفاف ملآ رسول، توفيقة شوحي، نادرة مللي، نوزت حسامي، مقبولة الشلق، ماري ديراني، فضة غندور حلال، كارولين عويشق، وديعة موصللي، فوزية الزعيم، أسماء الصالح، أسماء الحمصي، د.نجاح ساعاتي، إلفة الإدلبي، ماري عجمي، ونازك العابد، ندّه رزق من صحنايا، د.ناديا خوست، زينب نبوه، زكية جلاحج، لويزا عيسى، نديمة يسوف، أميمة ظاظا، وغيرهن كثيرات.

لنعمل معاً في سبيل مستقبل مشرق لوطننا!

 

 

 

كلمة رابطة النساء السوريات:

 

ألقت الرفيقة زينب نبّوه كلمة الرابطة في الاحتفال وجاء فيها:

قبل أن أتكلم عن بعض المحطات الهامة في الذكرى السبعين لتأسيس رابطة النساء السوريات، لابد أن أحيي الذكرى الرابعة والتسعين لتأسيس حزبنا الشيوعي السوري، وليد ثورة أكتوبر الاشتراكية، الذي لم يفصله عن انتصارها إلا سبعة أعوام فقط.

كما نحتفل اليوم بذكرى مرور مئة عام وعام على ثورة أكتوبر الاشتراكية، التي أحدثت انعطافاً ثورياً عالمياً لم ولن يطويها التاريخ، لأنها صنعت تاريخاً، وتبقى ثورة أكتوبر محطة هامة من نضال الشعوب عبر التاريخ.

وقد تحدث قائد الثورة لينين طيلة نضاله الثوري: (إنه من دون النساء يستحيل قيام حركة جماهيرية حقيقية، وكل التحليلات تتحول إلى رماد أمام الضرورة القصوى التي لا مناص منها. فبدون النساء يستحيل تغيير المجتمع وبناء الاشتراكية، يجب البحث عنهن دائماً وعن الطريق الذي يؤدي إليهن، ويجب علينا أن ندرس ونجرب كثيراً، فهذه القضية ترتبط ارتباطاً عضوياً بالنضال من أجل الاشتراكية).

هذا النجاح الذي حققته ثورة أكتوبر الاشتراكية للمرأة انعكس بشكل واسع على نساء العالم ونسائنا.

عام 1920 كانت معركة ميسلون في مواجهة الاحتلال الفرنسي، ميسلون ملحمة البطولة والإباء والشرف، هذه الملحمة لم تعطَ حقها من البحث كما لم تعطَ المرأة السورية التي ساهمت فيها حقها، فقد شاركت مئات النساء من دمشق وريفها والبلدات المجاورة في المعركة إلى جانب الرجال، وبلغ عدد الشهيدات مئة وخمساً وعشرين شهيدة.

فالمناضلة نازك العابد رافقت البطل يوسف العظمة إلى ميسلون، وكذلك زينب الغزاوي وغيرهن، وقد برزت في هذه الفترة وقبلها مناضلات من النساء لعبن دوراً هاماً في الثورة السورية الكبرى (1925 1927.

 

محطات في نشاط رابطة النساء السوريات

التأسيس عام ،1948 طرحت الرابطة منذ تأسيسها شعار (إن تحرر المرأة مرتبط بتحرر المجتمع)، وهذا يحتاج إلى المساهمة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ودعت النساء للانتساب إلى الأحزاب السياسية والنقابات العمالية والفلاحية والمهنية وغيرها من حركات التغيير الاجتماعي، كما أيدت حركات التحرر الوطني العربية والعالمية، وساهمت بنشر أفكار الاشتراكية العلمية، وفي التوقيع على نداءات مجلس السلم العالمي، وتعرضت العديد من الرابطيات للقمع في عهود الديكتاتورية والإرهاب، وزج ببعضهن في السجون، هذا الطرح كان يحمل بذور وعي استراتيجي للدفاع عن موقع المرأة من خلال نشر وتعميق الوعي بين جماهير النساء وتحفيزهن من أجل تحقيق مطالبهن المشروعة.

 

الرابطة والقوانين التشريعية المتعلقة بالمرأة

قانون الانتخابات، قانون الأحوال الشخصية، الدستور الدائم لسورية، اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، قانون الجنسية وغيرها، هذه القوانين تضمنت عناصر تمييزية ضد حقوق المرأة وإنسانيتها وحملت الكثير من الإجحاف، في وقت تصاعد فيه نشاط التيارات الأصولية وتأثيرها في محاولة فرض أفكار الجهل والتخلف. طالبت الرابطة بتعديل هذه القوانين، ضمن نضالات ونشاطات استغرقت سنوات وحتى الآن.

 

مؤتمرات الرابطة الوطنية والعالمية

عند استعراض المؤتمرات ومجالس الرابطة التي عقدتها الرابطة والتوجهات والمساهمات في المؤتمرات الوطنية والعالمية المتعلقة بالمرأة، نرى توجهاً واضحاً وصريحاً باتجاه العمل الرابطي، والذي تمحور منذ تأسيس الرابطة على تغيير أوضاع المرأة السورية من خلال نشر الوعي بين جماهير النساء وتحفيزهن للنضال، وطرح القضايا التي يعانين منها، وتحفيزهن للنضال والضغط على مراكز القرار.

عملت الرابطة من أجل مكافحة الأمية، وتوفير دور حضانة ورياض أطفال، وطالبت الرابطة بإصدار قانون لمحو الأمية، وإلزامية التعليم، والكتب المجانبة للابتدائي والإعدادي، وكانت الرابطة أول منظمة نسائية في سورية طالبت بإلزامية التعليم، وبمجانية الكتب وحماية الأحداث من التشرد والجريمة. وقد عقدت الرابطة الكثير من الدورات في مختلف المدن والأرياف، دورات متعددة لهذا الغرض.

كان للرابطة دور فعال ومشرف في المعارك الوطنية، وكانت تقدم المتطوعات للمقاومة الشعبية كما جرى أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام ،1956 والعدوان الإسرائيلي على سورية، وحرب حزيران عام ،1967 وكذلك حرب تشرين التحريرية.

استنفرت الرابطة وأصدرت البيانات السياسية وجرت حملات تطوع في مختلف المشافي في العاصمة والتبرع بالدم وغيرها.

وقد ساهمت الرابطة بكل النضالات التي خاضها شعبنا تضامناً مع القضية الفلسطينية، وتضامنت بشكل كبير مع الانتفاضة الأولى للشعب الفلسطيني ،1987 وبادرت الرابطة مع المنظمات النسائية الفلسطينية والعربية لتشكيل اللجنة النسائية ولعبت دوراً مؤثراً على الساحة السورية.

العدد 1104 - 24/4/2024