ما بين ثقة القيادة وثقة الشعب

ريم الحسين:

في كل مرة تتشكل وزارة جديدة أو يحصل تعديل وزاري، تجد أغلب ردود الأفعال ساخرة: أنهم ليسوا أفضل من الذين سبقوهم، وأنها آلية تبديل طرابيش ليس غير!

ثقة الشعب بحكوماته المتعاقبة على مر السنوات تكاد تساوي صفراً، وهذا طبيعي، وهو نتيجة الأداء الحكومي الضعيف على الأرض، وعدم لمس المواطن أي فرق أو تغيير، على عكس النظرة العامة أنها مناصب شكلية، وأداة لتجميع الثروة وكسب المصالح، حتى وصلنا إلى مرحلة ذهب فيها الصالح بالطالح، وحتى محاولات بعض المسؤولين لتلميع صور المنصب او صورهم تبوء بالفشل لعدة أسباب، أهمها الثقة المعدومة بين المواطن والمسؤول، ولأن المحاولة تقتصر غالباً على تغييرات بسيطة لا تُذكر ولا تؤثر على معيشة المواطن وحياته بشكل فعلي، واتباع البعض لما عُرف مؤخراً بـ(مسرحيات) كانت ردة الفعل العامة عليها أنها هزلية لا تُثمر ما دامت لا تغني ولا تسمن من جوع، وعلى مبدأ (صوّروني وأنا غير منتبه) الدارج بالعموم هذه الفترة، إضافة إلى التصريحات غير المسؤولة من مسؤولين تهيج الشعب وتزيد احتقانه وتعمّق فجوة عدم الثقة، إما لأنها سلبية جداً، أو لأنها إيجابية لكنها تقتصر على أقوال دون أفعال. ربما لو لمس الشعب تغييراً حقيقياً وجذرياً ومهماً وملموساً لكان بدأ جدار عدم الثقة بالزوال تدريجياً. وهنا يأتي دور المسؤولين القدامى وهذا مستبعد إلا ببعض القرارات العليا أو المسؤولين الجدد، وهنا تكمن المسؤولية الأكبر بردم الفجوة وإعادة بناء الثقة عن طريق تغيير النظرة العامة بأنهم دون فائدة، وهذا يعود لكل مسؤول في مكانه أن يضع خطة عملية للتغيير حتى لو تعرض لمقاومة، وهذا طبيعي، فأرباب الفساد لن يجعلوا الأمر يمر بسهولة، ومقاومة التغيير طبيعية في هذه الحالة، وأن ينصب جهده لترك الأثر الملموس لدى المواطن بهذا التغيير، وأن يكونوا قادة أكثر من مجرد مسؤولين ومديرين وأصحاب مناصب.

سادتي المسؤولين!

نحن نعلم ضخامة حجم الفساد المستشري، لكن البناء يبدأ باللبنة الأولى، فليذكركم تاريخ الوطن وتاريخ الشعب أنكم كنتم البادئين والمساهمين في قيادة هذا البلد نحو النمو والتطور.

أحيطوا أنفسكم بالنخب من أصحاب الخبرة والعلم والمخلصين الصادقين، لا بأصحاب الواسطات وتكملة العدد! وبقاؤكم في مناصبكم إلى الأبد ربما سيكون وقتئذٍ مطلباً شعبياً!

انهضوا بالوطن المجروح الذي مزقته الحرب وعاث فيه الفساد! كونوا دواء لا جرعة مسمومة ولا سكيناً بخاصرته!

كونوا الدرس والعبرة والخلف الصالح لمن سيتولى بعدكم حتى تنتشر عدوى الإصلاح والبناء!

ربما هذه أحلام بل أضغاث أحلام، ولكن ذكّر إن نفعت الذكرى. سادتي.. اسعوا للحصول على ثقة الشعب كما حصلتم على ثقة القيادة!

المجد للشهداء!

حماة الديار عليكم سلام!

العدد 1104 - 24/4/2024