من يسأل عن معاناة المواطن؟

ولاء العنيد:

يعيش المواطن السوري في تقشف دائم، ويتجلى هذا التقشف في تخفيض نفقاته وترتيب أولوياته كمحاولة فاشلة لإطالة عمر الراتب، ولكنه يحرص أيضاً على عدم إجراء مكالمات هاتفية كثيرة وعدم استهلاك المياه بكثرة، والأهم عدم استهلاك كهرباء لخوفة من الفواتير المستحقة التي لا ترحم جيب المواطن.

فنجد المواطن يسارع لإطفاء الأضواء الإضافية وعدم الاعتماد على الكهرباء للتدفئة وهمه الأكبر النجاة من فاتورة كهرباء عالية (تخرب الجيبة) ورغم ذلك الحرص كله على عدم الاستهلاك إلا أن قيمة الفاتورة لا تزال مرتفعة.. رغم انقطاعها لساعات طوال.

ما السبب !؟

على مدار السنوات الماضية كانت مشكلة الكهرباء مستمرة فقد كانت تقطع أكثر من ؟؟ ساعة في أغلب المناطق، ومع تحسن الأوضاع الأمنية شهدت تحسناً جيداً، ولكن ما لبثت أن عادت ساعات التقنين تحرم المواطنين من أداء أعمالهم ومن جديد رجع التقنين ولاحت ملامحه مع بداية الشتاء لنجد أن الكهرباء بدأت تنقطع قرابة الساعة في بعض المناطق وقد تصل إلى ؟ ساعات في أطراف المدينة والأرياف فيبقى المواطن بلا كهرباء وليس لديه سلاح لمواجهة البرد سوى الاحتماء في المنازل خلف الأبواب والنوافذ المغلقة والاغطية السميكة فهو غير قادر على تحمل تكلفة مازوت التدفئة، لهذا فضل التدفئة عن طريق الكهرباء.. ولكن لسوء حظه كان التقنين يقف بجانب البرد ضده، ليبقى المواطن يصارع الظلام والبرد.

ولكن إذا كانت الأوضاع الأمنية استقرت وأصبحت بحال أفضل من ذي قبل بكثير ولم تعد محطات توليد الطاقة مستهدفة بقصد التخريب، إضافة إلى أن قسماً جيداً من حقول الطاقة استرد ليكون تحت سلطة الدولة فلماذا إذاً عاد التقنين؟ ولماذا فاتورة الكهرباء مرتفعة رغم ساعات الانقطاع الطويلة؟

والأهم ما ذنب المواطن أن يتحمل فواتير الكهرباء المنقطعة والمرتفعة في الوقت نفسه؟

إن الذين لا يجدون في انقطاع الكهرباء مشكلة وحدهم هم المستفيدون من ذلك فقد عاد عليهم ذلك بمكاسب مالية فاحشة من بيع المولدات الكهربائية والبطاريات التي تستخدم للإضاءة. ولا أحد يعلم إن كان بينهم وبين بعض العاملين في قطاع الكهرباء والمسؤولين عن مناطق معينة اتفاقاً يقضي بزيادة ساعات التقنين لزيادة ارباح تجارتهم التي تهدف إلى سلب المواطن نقوده لإضاءة عتمة منزله.

قد يكون السبب حسب ما تقوله الحكومة زيادة استهلاك الكهرباء للتدفئة، ما سبب ضغطاً على المحولات والمولدات فتعطلت. إن الاستجرار غير المشروع للكهرباء يسبب خسائر كبير لقطاع الكهرباء وضغطاً إضافياً على المحولات.

أليس من الأجدر أن ينشر مراقبون لإيقاف الاستجرار غير المشروع ومعاقبة الفاعل إلى جانب تأمين مازوت للتدفئة بأسعار تناسب قدرت المواطن لتكون عوضا عن التدفئة بالأدوات الكهربائية، وبالتالي تخفف من الضغط على المولدات فلا تتعطل ولا تنقطع بالنتيجة بسبب عمليات الصيانة التي تأخذ وقت كبير يزيد من ساعات التقنين.

فما ذنب المواطن السوري في أن يدفع فاتورة كهرباء ضخمة لخدمة منقطعة مقننة لا تنير ظلامة ولا تدفئ عظامه؟!

لقد كنا.. ومازلنا ضد زيادة أسعار المحروقات، لأنها ببساطة شديدة تؤدي إلى زيادة أسعار كل شيء حتى فنجان القهوة الصباحي الذي افتقده الكثيرون.

العدد 1104 - 24/4/2024