الحزب الشيوعي المصري – تقرير صحفي:

ندوة (آفاق اشتراكية) حول الأوضاع في سورية تدعو إلى :

– تعزيز التضامن الرسمي والشعبي مع سورية في الحرب ضد أمريكا وحلفائها

– عودة العلاقات المصرية السورية واستعادة سورية مقعدها في الجامعة العربية

– تأسيس جبهة وطنية لإسقاط مشروع (حلف الشرق الأوسط الاستراتيجي)

المتحدثون والمشاركون يرصدون تراجع الدور الأمريكي والرجعي ويؤكدون:

– الانتصارات السورية على الأرض تعززها التطورات الإقليمية والدولية

– إسرائيل هي العدو المباشر.. وتلك هي البوصلة التي تحدد أصدقاءنا وأعداءنا

– رفض استمرار جريمة حكم الإخوان بشأن سورية بعد خمسة أعوام على إسقاطهم

 

أكدت الندوة، التي عقدها مركز (آفاق اشتراكية) بالقاهرة مساء السبت الموافق 17 تشرين الثاني (نوفمبر) 2018 حول الأوضاع الراهنة في سورية، أن التضامن مع الشعب السوري وجيشه وقيادته في الحرب ضد قوى العدوان الأمريكي الصهيوني ومنظمات المرتزقة الإرهابيين الممولة من الأنظمة الرجعية العربية، هو ضرورة للأمن القومي المصري والعربي، وأن هذا التضامن يجب أن يتجاوز الشكل السياسي ليتخذ مواقف وإجراءات عملية على المستويين الرسمي والشعبي. ودعت الأحزاب والقوى السياسية الوطنية والمنظمات الجماهيرية في مصر إلى تفعيل دورها الشعبي الضاغط في اتجاه عودة العلاقات الطبيعية بين مصر وسورية، وعودة سورية لشغل مقعدها في جامعة الدول العربية.

كما أكدت الندوة أن مشروع (حلف الشرق الأوسط الاستراتيجي)، الذي تدعو إليه أمريكا لحماية إسرائيل، والمستهدف له أن يضم، إلى جانب الدول الخليجية الضالعة فيه أصلاً، كلاً من مصر الأردن، هو استمرار للأحلاف الاستعمارية المعادية لمصالح الشعوب والدول العربية. ودعت الندوة الأحزاب الاشتراكية للتحرك مع بقية الأحزاب الوطنية الديمقراطية لإنشاء جبهة وطنية مصرية لإسقاط هذا المشروع وكل المخططات الأمريكية الصهيونية الرجعية في منطقتنا العربية.

وأكد المتحدثون والمشاركون في الحوار أنه لم يعد مقبولاً استمرار الجريمة التي ارتكبتها جماعة الإخوان خلال حكمها لمصر بقطع العلاقات المصرية السورية، رغم إسقاط حكمهم منذ 3 تموز (يوليو) 2013، كما أكدوا أن الحلف الأمريكي الصهيوني الرجعي العربي ومنظماته الإرهابية في أضعف حالاتهم الآن، بعد تراجع الدور الأمريكي في المنطقة العربية وتصاعد الدور الروسي – الصيني المساند للحقوق العربية، والأزمات السياسية والاقتصادية التي تعانيها أمريكا – ترامب، وتزايد تناقضاتها حتى مع حلفائها في أوربا وانسحابها من المنظمات والاتفاقيات الدولية تباعاً، إضافة إلى أزمة النظام السعودي المتزايدة، وانحسار المنظمات الإرهابية التابعة له في جيوب ضيقة في سورية في سبيلها إلى الزوال وتصاعد التناقضات بين تلك المنظمات وبعضها البعض وصولاً إلى حد تبادل الاغتيالات ضد أعضاء كل منها.

وأكد المتحدثون من أحزاب التجمع والاشتراكي المصري والشيوعي المصري على اتفاقهم حول التوصيات التي أعلنها في نهاية الندوة الرفيق صلاح عدلي، الأمين العام للحزب الشيوعي المصري، الذي أدار الندوة، وهي تتحدد في تعزيز العمل بين الأحزاب الاشتراكية، وكل القوى الوطنية، لتفعيل الدور الشعبي والرسمي من أجل عودة العلاقات الطبيعية بين مصر وسورية، وعودة سورية لجامعة الدول العربية، والسعي لتشكيل جبهة وطنية لإسقاط مشروع (حلف الشرق الأوسط الاستراتيجي).

 

شهادات حية

وكانت الندوة، التي أدارها الرفيق صلاح عدلي، الأمين العام للحزب الشيوعي المصري، قد بدأت بشهادات حية من داخل سورية، عرضها الرفيقان حمدي حسين وبهيجة حسين بعد زيارتهما لسورية خلال الفترة من 27 – 31 أكتوبر الماضي للمشاركة في اجتماع مجلس السلم العالمي، ممثلين للجنة المصرية للسلام، والذي عقد في العاصمة السورية دمشق، وفي المؤتمر العالمي للتضامن مع سورية خلال الفترة نفسها، ثم قدم الكاتب الصحفي مصطفى السعيد تحليلاً سياسياً حول آخر المستجدات على الأرض في سورية وتداعياتها الإقليمية والدولية وموقف مصر منها ومصلحتها القومية.

في البداية تحدث حمدي حسين عن مشاعر الحب العميقة من الشعب السوري للشعب المصري، التي أحسها منذ وصوله إلى مطار دمشق واستقبال الشباب السوري أعضاء اتحاد الشباب الديمقراطي، واللقاءات مع الرئيس السوري بشار الأسد ووزراء الخارجية والشباب السياحة وكل المسؤولين السوريين الرسميين والحزبيين، وأيضاً خلال الجولات الحرة في شوارع وحواري دمشق وخلال زيارة 11 قرية في ريف دمشق.

وقال إن أكثر ما لفت اهتمامه في تلك الجولات هو مشاهدة الكنائس ودور العبادة في أبهى صورها لم تصبها طلقة في ظل حماية الشعب والجيش السوري لها من أي هجوم أو اقتحام إرهابي، ومشهد الفتيات والسيدات المقاتلات جنباً إلى جنب مع الرجال، ومشهد السيارات السورية المحملة بمنتجات زراعية وغذائية سورية المتجهة إلى جسر الأردن لدعم الشعب الأردني الشقيق، رغم خوض سورية حرباً ضد قوى عالمية وإقليمية ومنظمات مرتزقة إرهابية قادمة من كل أنحاء العالم.

وبدأت الكاتبة الصحفية بهيجة حسين شهاداتها بالحديث عن العلاقات التاريخية الوطيدة بين شعبي مصر وسورية، والتي يحسها ما أسمته (جيل الوحدة) الذي تربى وجدانه على (م الموسكي لسوق الحميدية.. أنا عارفة السكة لوحديا) و(أنا واقف فوق الأهرام.. وقدامي بساتين الشام)، قائلة إن المصريين وهذا الجيل يعرفون وحدهم السكة إلى دمشق، ويرون بالفعل بساتين الشام حتى ولو لم يزوروها.

وذكرت بهيجة العديد من المشاهد التي تؤكد وجود واستقرار الدولة السورية رغم تلك الحرب الشرسة، بادئة بالإشارة إلى أن السفر كان على متن شركة الطيران السورية، و إلى مطار دمشق الدولي الآمن،وأضافت:

– حالة النظافة التامة في شوارع وحواري دمشق التي لم تر على أرضها ورقة واحدة، كما أنها لم تشاهد خلال الجولات الحرة أي متسول في الشوارع، وانبهرت باستمرار وجود البيوت السورية العتيقة بما تحتويه من أشجار وفناءات وفسقيات، وبمظاهر الحياة الطبيعية بين المواطنين السوريين.

– إن السوريين الذين نزحوا من المدن التي دمرها العدوان الأمريكي الصهيوني الإرهابي إلى دمشق والمدن الآمنة الأخرى وفرت لهم الدولة أماكن إقامة ووظائف وألحقت أبناءهم بالمدارس والجامعات.

– لاحظنا في الطائرة التي أقلتنا إلى سورية الكثير من السوريين العائدين إلى وطنهم أو لزيارة أقاربهم، وعلمنا في ما بعد أن مليوناً ونصف المليون من السوريين المهاجرين عادوا إلى سورية مؤخراً.

– في لقاءات حرة مع سائقين وسعاة ومواطنين سوريين بسطاء، وكان بينهم مواطنون من حلب، لمست لديهم وعياً عميقاً بألمعركة التي يخوضونها وأولوياتها، وقالوا إن هدفهم الآن تعمير بيوتهم ومدارسهم، وقد تحدث أحدهم، وبلا مرارة، عن استشهاد ثلاثة إخوة له على يد تنظيم داعش الإرهابي، وتحدث مواطن حلبي يعول زوجته وتسعة أولاد عن نزوحه من حلب بعد تدميرها بواسطة الإرهابيين، وكيف وفرت الدولة له مسكناً وعملاً في دمشق، وألحقت أولاده بالمدارس.

– إن الجيش السوري جيش وطني لأنه تجنيد إجباري لكل المواطنين، وفي حوارات حول هذا الموضوع، أكد رفيق من الحزب الشيوعي السوري أن (التجنيد يحدده السن والدراسة وليس الديانة أو الطائفة).

واختتمت بهيجة شهاداتها بثلاثة أشياء في كلمة الرئيس بشار الأسد، خلال لقائه مع وفود مجلس السلم العالمي، طمأنتها على وجود وقوة الدولة السورية وعلى مستقبلها، وهي قوله:

1- إن مخزون السلع الغذائية، بما فيها القمح، لدى سورية يكفيها لمدة سنتين.

2- إن العمود الفقري للاقتصاد السوري هو القطاع العام، لا تصفية ولا خصخصة ولا صندوق نقد دولي، مشيراً إلى قيام الإرهابيين بتفكيك مصانع النسيج في المناطق التي احتلوها قبل تطهيرها منهم، وتسليم معداتها لتركيا، ومشيراً من جهة أخرى إلى دور عمال مصنع الأسمنت السوريين في حمايته واستمرار الإنتاج فيه لمدة أربعة شهور تحت حصار الإرهابيين.

3- إن سورية مكونة من أعراق وديانات عديدة، ولا يمكن أن يحكمها إلا نظام علماني.

 

أين مصلحة مصر؟ ومع أي تحالف؟

وفي كلمته أكد الكاتب الصحفي مصطفى السعيد أن سورية بؤرة صراع له أبعاد إقليمية ودولية، يتصارع فيه محور أوراسيا (الصين وروسيا وإيران) ومحور أمريكا وإسرائيل والسعودية، إضافة إلى الدور التركي المتبدل حسب الأطماع والمصالح التركية. وقد أدت تطورات هذا الصراع الأن وبعد حسم معركة إدلب لصالح الدولة السورية، إلى حالة من الشعور الإسرائيلي بالرعب والخطر، خاصة مع اتجاه العراق إلى الاستقرار، وعدم قدرة إسرائيل على تحمل قدر كبير من الخسائر البشرية والمادية، وهو ما أصبحت مهددة به نتيجة التطور التقني في التسليح وبخاصة في الصواريخ، ليس فقط لدى الجيش السوري ولا حزب الله، ولكن حتى في قطاع غزة، كما أنه لأول مرة منذ بداية هذه الحرب تصبح جبهة غزة- حزب الله- سورية- إيران – العراق متصلة، ويمتد العمق الأمني السوري بهذا الاتساع، ويطول الداخل الإسرائيلي، ولهذا تلجأ إسرائيل للاحتماء بأنظمة الخليج الآن.

وأكد السعيد أن سورية رغم الحرب لديها فائض في الميزان التجاري وفي ميزان المدفوعات، وأن المجتمع السوري يعيش حياة علمانية بالفعل، لا تشعر فيه بتعصب ديني أو طائفي أو مظاهر حياة متعصبة في الشوارع والمحلات، وأن الوضع السوري لن يعود لما قبل 2011 لأن هناك متغيرات رصدها في التالي:

– إن الدولة السورية تسيطر على نحو 90% من الأرض السورية، وأن القواعد الأمريكية ومنظمات الإرهاب تنحصر في مساحةمحدودة شرق سورية، وقد تم فتح الطريق الرئيس إلى حمص وحماة.

– تعاظم كفاءة وتحديث سلاح الجيش السوري والجيش الشعبي، باعتبارهما القوة الرئيسية ضد العدوان، يساندهما الطيران الروسي ومستشارين إيرانيين ومتطوعين من حزب الله.

– اعتياد الشعب السوري ، بكل فئاته وأعماره، على العيش بصورة طبيعية والتكيف مع حالة الحرب، بل إن حالة الرعب التي يشعر بها الزائر عند سماعه صوت انفجار ما تثير الضحك لدى الأطفال السوريين، الذين أصبحت لديهم القدرة على تمييز نوع السلاح الذي أدى إلى الانفجار وهل هو تابع للعدو، أم للجيش السوري.

– فتح وتواصل الخطوط بين سورية والعراق وإيران وحزب الله أدى إلى زيادة العمق الاستراتيجي لسورية.

وتساءل السعيد في نهاية كلمته: أين مصلحة مصر؟ ومع أي تحالف تقف؟ مؤكداً أن المصلحة المصرية والأمن القومي المصري تقتضي رفض الاصطفاف في جبهة إسرائيل في المشروع المسمى (حلف الشرق الأوسط الاستراتيجي)، والوقوف صراحة مع الحلف السوري الصيني الروسي الإيراني.

شارك في المداخلات والحوار في الندوة، من حزب التجمع عاطف المغاوري نائب رئيس الحزب، والمهندس نادر عناني، ومن الحزب الاشتراكي المصري الدكتور محمد حسن خليل نائب رئيس الحزب والدكتورة كريمة الحفناوي القيادية بالحزب، ومن الحزب الشيوعي المصري حسن بدوي عضو المكتب السياسي للحزب، وسيد شرقاوي عضو اللجنة المركزية، كما تحدث من الحضور المواطن الفلسطيني عبد القادر ياسر عبد القادر، ومحب عبود عضو نقابة المعلمين المصريين، وبسمة صلاح حسين، ابنة شهيد النضال الفلاحي صلاح حسين، والمناضلة الراحلة شاهندة مقلد، والفنان التشكيلي غريب عبد الله والصحفية شاهيناز محمد.

العدد 1105 - 01/5/2024