العنف والجهل متلازمة يجب وأدها

سامر منصور:

العنف والظلم كلمتان مستفحلتان في عالم البشر، وكلّما تنامت الثروة والسلطة المُساقة إلى مناحي التسلّط في يد فئة من الناس، كان ذلك إيذاناً بتنامي العنف. وباعتقادي من الخاطئ تجزئة مفهوم العنف، فهو سلسة متصلة، بمعنى أن نسبة انتشار العنف الأسري على سبيل المثال مرتبط بالعنف الناتج عن الجهل والتخلّف والتطرّف والإيديولوجيات والعادات والتقاليد السائدة في كل مجتمع. وإن الإنسان المُعنّف إذا لم يتمتّع بسوية من التربية والوعي، فهو يميل إلى تعنيف من هم بنظره أقلُّ منه في السلم الاجتماعي أو تحت وصايته أو سُلطته. فنسبة العنف الذي تتعرّض له المرأة على سبيل المثال مرتبط بمقدار التسلّط المجتمعي على مُعنِّفها خلال حياته منذ طفولته وحتى لحظة ممارسته للعنف عليها. وبالتالي أرى الحل بكسر دائرة العنف في المجتمع عبر رفع الوعي وتكريس قيم التعايش ونشر ثقافة الحوار وقبول الآخر.

أما في المجتمعات العربية التي تنتشر فيها السياسات الوصائية والاقصائية والتي لطالما استنكرها نُخبة العرب من شعراء وأدباء ومفكرين، ومنهم نزار قباني الذي قال: كلما أردنا حواراً وجدنا قبالتنا فوهة دبابة. وكذلك ما قاله محمد الماغوط وغيره من مقولات مشابهة.

وإذا أردنا الانتقال للحديث عن وضع المرأة في سورية، فمن الطبيعي أن يتصاعد العنف ضدّها عندما تتصاعد وتيرة العنف في المجتمع عموماً كما حدث في سنوات الحرب، ويُشكّل القانون ملاذاً لحماية المرأة، لكن، وكما رأينا خلال الحرب تراجع تطبيق القوانين عموماً على أرض الواقع بسبب ظروف الحرب القاهرة، وقد طاب ذلك لقوى الفساد في الطبقة المُتنفّذة وهي تسعى لإطالة أمد هذا التراجع.

إن كلّ ما سبق له منعكسات على الحالة النفسية للمرأة ولمعنفيها ممّا يُساهم أكثر في تكريس العنف، والحلول باعتقادي منوطة بوزارة التربية وبالأسرة وبالإعلام وبكل الذين يجب أن يساهموا بتنشئة جيل سوي واعي. فالإنسان الجاهل المتخلّف الذي يسعى لتحقيق مكانته الاجتماعية أو لفت الانظار عبر ذكورة متمثلة بالسطوة والتسلّط إضافة إلى الضغوطات النفسية والمالية.. الخ التي يتعرّض لها، ستزيد من وتيرة سلوكه المنحرف نحو التعنيف بكل مناحيه وإزاء كل من حوله، وإن المسلسلات كمسلسل (الهيبة) وما يُسمى بمسلسلات البيئة الشامية وهي تسمية نتحفّظ عليها كسوريين، إضافة إلى سياسة الأطراف العربية المتنافرة وشيطنة الآخر ومباركة العنف ضدّه كل هذا يُعزز مكانة العنف في وعينا ولا وعينا، وينعكس على المرأة التي قد تعكسه على الطفل الذي سيعود لممارسته ضدّها عندما يغدو رجلاً.

العدد 1104 - 24/4/2024