شتاء يقترب والجيوب فارغة

ولاء العنيد:

أوراق الخريف تتساقط كل يوم وتبشر بقدوم الشتاء القريب، نسمات الخريف الباردة تتلاعب في الأجواء لتبعث في قلوب الناس بعض البرد والكثير من القشعريرة. نسمات تنبئ بشتاء بارد تجبر الناس على إغلاق نوافذ بيوتهم وإحكام أقفال أبوابهم لدرء البرد الذي يتسلل على مهل.

ولكن إلى متى؟ كلها بضعة أيام ويشن الشتاء هجومه القاسي، وينخر البرد أجساد الفقراء الذين لا يملكون سلاحاً أمام البرد سوى ملابسهم الصيفية الرقيقة التي لا تبعد عنهم برد الشتاء ولا تحميهم من عواصفه. ولم يعد السوري يملك حلاً سوى محاولة تأمين ملابس شتوية له ولأسرته الصغيرة التي تأمل أن تحارب البرد القادم أفضل من الشتاء السابق. لهذا، سارعوا إلى تخفيض نفقاتهم لتوفير المصروف اللازم لتأمين ملابس الشتاء، وإذا كانت الأسعار هذا العام كما كانت في العام الماضي فسيعاني الناس في تأمين حاجتهم من الملابس، فالأسعار في العام السابق كانت مرتفعة كثيراً، ولا أظن أن التجار في هذا العام سيرحمون الناس أكثر مما فعلوا في العام السابق، وإن كان كما هو ظاهر أن الأسعار ستبقى عالية فهذا يعني أن الاسر السورية ستواجه تحدي الشتاء في محاولة تأمين اللباس الشتوي لأطفالهم بغض النظر عن توفر مستلزمات تدفئة أو عدمها.

فوفق أسعار العام المنصرم، المتوقع أن تبقى نفسها لهذا العام، وربما تزيد، سيحتاج المواطن السوري إلى قرابة 30 ألف ليرة كحد أدنى لكل طفل من أطفاله، أي ما يعادل راتب شهر كامل للموظف العادي. وإذا كان في أسرة المواطن السوري أكثر من طفل فسيكون عليه التخلي عن راتب ثلاثة أشهر على الأقل والعيش في تقشف واقتصاد في المصروفات في سبيل تأمين اللباس فقط، أو التوجه إلى أسواق البالة التي أصبحت مزدحمة في سنوات الحرب أكثر من ذي قبل، ولاقت رواجاً لم يسبق لها أن وصلت إليه مما جعلهما البديل الأول والمقصد الوحيد لكثير من المواطنين، لانخفاض أسعارها، بالمقارنة مع الثياب الجديدة، وجودة بضاعتها، فكيف سيتمكن المواطن من أن يؤمّن مستلزمات عيشه اليومية في ظل الأولويات المتلاحقة؟!

وإذا كانت الحكومة السورية تريد أن تقف مع المواطن السوري في وجه برد الشتاء، فمن الأفضل أن تبدأ من الآن في تحديد أسعار الملابس الشتوية، بحيث تمنع المغالاة في الأسعار وتساعد المواطن في تيسير أمور تأمينه للملابس الشتوية كتقديم قروض على شاكلة قرض القرطاسية، بحيث يعيد المواطن تسديد المبلغ بشكل مريح ويمنحه فرصة إحضار ما يلزم أطفاله وأسرته من مستلزمات تقيهم من برد الشتاء الذي بات يبعد خطوات قليلة، كما نأمل أن تبدأ الجمعيات الخيرية والمجموعات التطوعية بتنظيم حملات جمع بعض قطع الثياب وفرزها ومنحها للعائلات محدودة الدخل، لنكون يداً واحدة في مواجهة برد الشتاء القادم؛ فمن غير المنصف أن يوضع المواطن السوري أمام أحد خيارين: الموت من البرد، أو الموت من الجوع، لأن تأمينهما معاً بات تحدياً في أوضاع اقتصادية كهذه.

العدد 1104 - 24/4/2024