جرحك شرف!

ريم الحسين:

ميلاد، هو جريح حرب بنسبة إصابة 80% جرى تكريمه وإزالة ما سمي (مخالفة مترين) كان يودّ الاسترزاق منها بتعبه وجهده الخاص، في مدينة تعجّ بالمخالفات بعضها لمسؤولين.

ميلاد ليس لديه (واسطة) أو جهة داعمة تترك له مخالفته، والقانون لن ينصفه، كلمة (مخالفة) كفيلة بإحياء القانون المطبق حصراً على الفقراء في هذا البلد، مع العلم أن محافظة دمشق نفت علمها بأن المحل لجريح، وأكدت أن الموضوع قيد التحقيق والاهتمام من قبل المعنيين. وهنا مسلسل النفي الحكومي مع مواقع التواصل الاجتماعي يستمر، ونحن هنا لسنا بصدد شرعنة أي مخالفة للقانون، وإنما أن يطبق على الجميع، ويهمنا بالدرجة الأولى تأطير ملف الجرحى وحصره ضمن جهة معنية مع كل الالتزامات المترتبة عليها اتجاههم.

من قصة مأساة هذا الشاب الذي فقدَ قدميه وأعزّ ما يملك كرمى لهذا الوطن، والمآسي التي تضجّ بها صفحات التواصل الاجتماعي يومياً لأبطال قدّموا الغالي والنفيس وجعلوا من أجسادهم جسراً لنتمكن ويتمكن هؤلاء المسؤولون من ممارسة أعمالهم في أمان، تظهر جلياً الفجوة والشرخ الكبير في طريقة التعاطي مع أبطال الانتصار الذي لم يكتمل ولن يكتمل إلا بحصولهم على حقوقهم كاملةً.

المعاناة المؤلمة لم تبدأ ولن تنتهِي عند ميلاد، هؤلاء الأبطال بحاجة إلى وضع قوانين وإجراءات خاصة بهم بشكل أكبر ومعمق ومفصّل، وتدخّل فوري من القيادة لحلّ مشاكلهم أو الحدّ منها قدر المستطاع، وهي تركزت أغلبها في الفقر المدقع الذي يعيشه أغلب هؤلاء الجرحى، لأن الراتب ضعيف والتعويض ضئيل، في ظل التضخم وتراجع قيمة الليرة ومخلفات الحرب الاقتصادية، وعدم القدرة على القيام بأعمال أخرى تدعم عائلاتهم بأدنى متطلبات العيش ليس الكريم ولا العادل إنما ما يتيح لهم البقاء. إضافة إلى موضوع (كراسي الكهرباء) الملف الشائك المختلف عليه بين الأطباء، فذريعة الجهة المسؤولة لعدم تأمينها لهم أن الكرسي يضرّ الجريح أكثر مما يفيده. وبالرغم من ذلك نجد معظم الجرحى القادرين على تأمينه يحصلون عليه ويستخدمونه ويعدّونه أساسياً في وضعهم، لأنه المحرك الوحيد لهم للتواصل وممارسة أي نشاط نتيجة الإصابة فوق 80%، وهذا طبيعي في حالتهم، عدا جرحى القوات الرديفة غير المعترف بتضحياتهم على الإطلاق! ومشكورة السيدة الأولى لكرم عطائها وهي وعدت من خلال الأمانة السورية للتنمية بمتابعة أوضاعهم ودعمهم بعد آلاف الحالات للجرحى المنسيين منهم. أحد الجرحى إصابته دون 80% تحدّث بحرقة وغيره كثيرون عن حقوقهم المهدورة، وأن أي إصابة دون 80% تعني عدم حصولك على أقل حقوقك. وفي الوقت نفسه تتزايد الفعاليات كحملة جريح الوطن وجمعية البستان وغيرها التي تحاول جاهدة المساعدة في هذا الملف، إضافة إلى بعض الجهود الشخصية للجرحى فيما بينهم على مواقع التواصل الاجتماعي، كمجموعة (جرحك شرف) حيث تُعرض مشاكلهم ويساعدون بعضهم البعض ونجد أغلب المتبرعين إما الجرحى أنفسهم أو الفقراء الذين يحاولون المساعدة قدر المستطاع، لكن تبقى تلك الفعاليات والمشاركات والمساهمات غير كافية لسدّ الثغرة الكبيرة، بعد تزايد أعداد جرحى الحرب وعدم وجود جهة ناظمة لأوضاعهم بشكل فعلي. وعليه تتعالى الأصوات المطالبة بإعطاء هذا الملف أولوية. وقد كانت زيارات السيد الرئيس والسيدة الأولى لهم دعماً كبيراً، إضافة إلى مقابلة بعضهم في العاصمة دمشق، عزّزت من ثقة الجرحى الأبطال بأنهم غير مهمشين وأصحاب قضية يتوقعون حلّها قريباً بشكل جذري.

(انثروا آلامكم ما استطعتم، وأينما حللتم، على الجدران وعلى المنابر، دوّنوا أسماءكم على صحف السماء، حتى يسجد العالم كلّه تحت أقدامكم التي أضحت حبراً مع التراب!).

المجد للشهداء والجرحى!

حماة الديار عليكم سلام!

العدد 1104 - 24/4/2024