يا حزب المهمَّشين.. هل تستعيد الألق في العيد الـ94 ؟

إيناس ونوس:

تأسَّست مطلع القرن الماضي أحزابٌ سياسيةٌ عدّة متبنيةً مجموعة أفكارٍ طرحها منظّرون سياسيون اشتغلوا في الحقل العام آنذاك، محوِّلةً إياها إلى مبادئ أساسية تنظمُ عملها، ونظراً لأن تلك الأفكار والمبادئ_ على اختلافها_ قد عبَّرت عن تطلُّعات مختلف فئات المجتمع لاسيما المهمَّشة منها، وعن أحلامها وآمالها، لم يمضِ وقت حتى تمكَّنت تلك الأحزاب من الانتشار بين النَّاس عامَّةً، ممّا ساهم في تنوُّع الحياة السِّياسية في البلاد وغناها، في فترة ما بين الثلاثينيات والستينيات من القرن المنصرم. وكان من بينها الحزب الشُّيوعي السُّوري المعبِّر الأكبر والأول عن آلام الجماهير الكادحة وآمالها، استناداً إلى مبادئه القائمة على مناصرة الشُّعوب المضطَهدة والمظلومة في الوصول إلى الحياة الحرَّة الكريمة التي تستحقُّها سواء داخل البلاد أو على مستوى شعوب العالم أجمع.

إلاّ أن الانقسامات التي طالت الحزب، وتحويله من قوَّة موحَّدة إلى مجموعاتٍ متناثرة هنا وهناك، حوَّلت تلك القوة إلى ضعف الكثير من الأحزاب السِّياسية إن لم تكن جميعها، بعد أن ابتعدت عن رؤاها ومبادئها وأساسياتها، وانحرفت نحو المصالح الخاصَّة والمحسوبيات والشِّللية، ما أثَّر سلباً وبشكلٍ خطير على أفكارها الأولى ودعائم وجودها، علماً أن الخلل لم يكن يوماً في هذه الأخيرة، بل في آليات التَّطبيق والممارسة اليومية وأساليب التَّعامل مع العمل السِّياسي والحياة التَّنظيمية.

نعم، لم يكن الخلل في المبادئ والأفكار، إنما فيمن امتطوها للوصول إلى غاياتهم الخاصَّة على اختلاف هذه الغايات وتنوُّعها، وما أكثرهم!

في عيدك اليوم، يا حزب العمَّال والفلَّاحين، يا حزب الفقراء والمهمَّشين، يا حزب الطَّلبة والمرضى والمفقودين والجائعين، يا حزبنا جميعاً، يا أملنا وألمنا، أرفع رأسي وأعتزّ بأني ترعرعتُ في أحضانك حاملةً فكراً وثقافةً ووعياً مغايراً، كلي أملٌ بأن تُعيد أمجادك وتستعيد مكانتك التي تستحقها مبادئك التي تبنيناها وحملناها في قلوبنا وعقولنا، وأن تساعدنا في تربية أبنائنا وتحقيق أحلامهم ووصولهم إلى آمالهم بمستقبلٍ مشرقٍ في بلادٍ تغتال الإنسان كل لحظةٍ، في ظلِّ قراراتٍ لا هدف لها إلاّ المزيد من الدَّمار والنَّار!

العدد 1104 - 24/4/2024