لا شيء يقهر المرأة مثل استئصال الثدي

سامر منصور:

عينان متسعتان جامدتان، وفمٌ يتمتمُ، ويدٌ متشنجة فيها أصابع مطوية وأخرى منبسطة، وأحياناً يهزّ قامته وهو مستغرقٌ في أفكاره.

لا أصف مشعوذاً يناجي ملوك الجن، ولكني أصف مواطناً سورياً من ذوي الدخل المحدود يسعى أن يحقق واحدة من العجائب بأن يُقسِّمَ مرتّبه لتأمين سائر حاجياته على مدى أيام الشهر دون أن يستدين في آخره، وهذا الحال كان قبل الحرب على سورية، فما بالنا اليوم بالغلاء المعيشي، والأمر الذي أريد الحديث عنه هو: ماذا إن أصاب أحد أفراد العائلة مرضٌ ما؟ أليس من الضروري كما يوصي الأطباء حول العالم أن يقوم الإنسان بفحوص دورية نصف سنوية وسنوية لكل أعضاء جسده؟ أليس المواطن السوري محروماً من هذه المسألة بنسبة ما، لأن دخله لا يساعده على زيارة الطبيب، ولنقل طبيب الأسنان على سبيل المثال، إلاّ حين يشتدُّ به الألم، أو يُرجئ الزيارة إلى أول الشهر كي لا يستدين؟ وهل يملك هذا الكادح المُتعب الوقت والمال لزيارة المستشفيات في حال لم يكن مريضاً، خاصة أن الطبابة في سورية لم تعد مجانية، بل تعادل 40 بالمئة من تكاليف الطبابة وطوابير الانتظار في المستشفيات الحكومية طويلة جداً.

تكاليف فحوص بعض الأمراض، كالسرطانات وغيرها، تفوق تكاليف فحوص أمراض أخرى، وبما أن هناك أمراضاً تُصاب بها نسبة كبيرة من الناس، كسرطان الثدي على سبيل المثال (امرأة واحدة من بين كل ثمانية نساء مُعرّضة للإصابة به)، فنحن نحتاج أن تقدم وزارة الصحة في هذا النطاق المزيد، وقد جعلت فحوص هذا المرض وعلاجه مجانياً في المستشفيات الحكومية، وهذه باعتقادي بادرة وفاء تجاه الأم السورية والمرأة السورية عموماً.

إن أيّ إجراء من شأنه الحدّ من استئصال الثدي هو إنقاذ نفسي وليس جسدياً فقط للأنثى، فالثدي علامة من علامات جمالها، ولأسمى العلاقات الإنسانية المتمثلة بالأمومة، وهو أبرز فارق في التكوين البصري بين الأنثى والذكر.

العدد 1104 - 24/4/2024