المسؤولية الجزائية للأطفال وطرق المحاكمة

كفل مشروع الدستور الجديد في المادة 20 منه توفير الرعاية الاجتماعية للمواطنين وحمايتهم، ويكون ذلك برعاية الأسرة والطفولة والشباب.

وتطبيقاً لنص المادة 209 من قانون العقوبات السوري (لا يحكم على أحد بعقوبة ما لم يكن قد أقدم على الفعل عن وعي وإرادة )، فقد أفرد المشرِّع السوري قانوناً خاصاً بمرحلة الحداثة رقم 18 لعام 1974 وأحاطه بمعاملة خاصة لتوفير الحماية والوقاية والرعاية للجيل الناشئ من التعرض للانحراف.

وقد عُدِّل القانون وفق الاتفاقيات والبروتوكولات التي وقعتها سورية بخصوص الأحداث الجانحين، وأتبعته الدولة بأجهزة ومؤسسات تساعد محاكم الأحداث منها: جهاز مراقبي السلوك،مكاتب الخدمة الاجتماعية، مراكز الملاحظة، المعاهد الإصلاحية بقصد إصلاح الحدث.

فالحدث الجانح هو الشخص دون الثامنة عشرة من العمر يرتكب جريمة تضعه تحت طائلة القانون. فقد ورد في المادة الأولى من قانون الأحداث الجانحين تعريف الحدث (هو كل ذكر أو أنثى لم يتم الثامنة عشرة من عمره).

(المادة 2) لا يلاحق جزائياً الحدث الذي لم يتم السابعة من عمره حين ارتكاب الجريمة.

(المادة ،3 فقرة أ) إذا ارتكب الحدث الذي أتم السابعة ولم يتم الثامنة عشرة من عمره أية جريمة فلا تفرض عليه سوى التدابير الإصلاحية المنصوص عليها في هذا القانون، ويجوز الجمع بين عدة تدابير إصلاحية.

(المادة ،3 فقرة ب) أما في الجنايات التي يرتكبها الأحداث الذين أتموا الخامسة عشرة من عمرهم فتطبق العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون.

وقد عدِّلت المادة 2 والمادة 3 (أ) من هذا القانون بالمرسوم التشريعي رقم 52 تاريخ 1/9/2003 الذي رفع سن المسؤولية الجزائية من سبع  سنوات إلى سن العاشرة تفادياً لعدم تعرضه إلى إجراءات قانونية قاسية بحقه في سن مبكرة. وبذلك يكون المشرع حدد المساءلة للحدث بين سن العاشرة والثامنة عشرة من العمر، فما بعد ذلك هو سن الرشد والتمييز، أي يعد الشخص بعد ذلك مسؤولاً جزائياً.

وهنالك شرطان لكي يعدّ الحدث جانحاً وتقام بحقه الدعوى العامة:

1- أن يرتكب جريمة يعاقب عليها القانون.

2- أن يكون أتم العاشرة ولم يتم الثامنة عشرة من عمره حين ارتكاب الجريمة.

ولا تفرض عليه سوى التدابير الإصلاحية، ويجوز الجمع بين عدة تدابير إصلاحية.

وانطلاقاً من مبدأ (الوقاية خير من العلاج) وحرصاً على مصلحة الحدث، كان لابد من حماية الحدث أيضاً من خلال المحاكمة وإجراءاتها، ومن خلال تدابير الرعاية والإصلاح، وذلك بالعمل على سرعة البت بالدعاوى، لاختصار إجراءات المحاكم وحصرها بمحكمة الأحداث مباشرة، يختصر فيها دور الشرطة وقاضي التحقيق والإحالة، وتوفير المكان الملائم والمناسب للرعاية والإصلاح وتأمين العمل له وزيارة أماكن التوقيف والمعاهد والمراكز الإصلاحية، وتطوير هذه المراكز لتستوعب جميع حالات جنوح الأحداث وتوفير العلاج النفسي والاجتماعي بكادر أوسع ومتخصص بالاعتماد على شرطة أحداث عصرية، وإقامة وحدات شاملة لرعاية الأحداث لها موازنة مستقلة وتنسق مع مختلف الجهات ذات الصلة بالحدث.

لكن كل ذلك مازال حبراً على ورق على الرغم من تدخل بعض الجمعيات في دور الأحداث، إلا أنّها لم تصل إلى غاية مراكز الأحداث وهي التأهيل والرعاية. أما إجراءات المحاكمة المكتوبة فما زالت حبراً على ورق، إذ لا توجد أماكن خاصّة لمحاكمة الأحداث ولا تتبع الأساليب الواجبة للتعامل مع الأطفال، ما  يؤدي إلى اختراق لمبتغى  القانون والاتفاقيات.

العدد 1104 - 24/4/2024