المرأة والشباب في ظل التغييرات

التغيّر سُنة طبيعية، تخضع لها جميع مظاهر الكون وشؤون الحياة. وقديماً، قال الفيلسوف اليوناني هيراقليطس: (إن التغير قانون الوجود، والاستقرار موت وعدم).

في ظل التغييرات القائمة على جميع الصعد، الاجتماعي والتكنولوجي والاقتصادي.. هل انتقل الشباب العربي إلى مرحلة تكوين ذاته، أم ما زال في مفهوم التقليد؟ هل طالت هذه التغييرات المرأة ودورها في المجتمع؟ حريتها، حقها في التعبير، …  هل هناك من ينادي بدور أكبر للمرأة؟ هل مجتمعنا يذهب باتجاه تعزيز دور المرأة الحقيقي وحصولها على جميع حقوقها؟ حاولنا الوصول إلى عدد من الآراء المختلفة لعدد من الشباب حول هذا الموضوع..

يقول سامر : إن التغييرات الحاصلة تتناول كل مقومات الحياة الاجتماعية،  ففي هذه الأيام أهم ما نشاهده هو تطوّر الوعي السياسي عند الشباب عموماً، وعند المرأة خصوصاً. ويظهر هذا جلياً في مشاركة الشباب والنساء في كل ما يحصل على الأرض، ومتابعتهم لنشرات الأخبار والتحليلات  السياسية والمؤتمرات وغيرها وتغير منحى النقاشات العامة التي تدور في الجلسات، وهذا يأتي من وعيهم بأن لهم دوراً أساسياً وفاعلاً في تطور المجتمع  كما لم يكن قبلاً.

أما نهاد فهي ليست متفائلةً:  لست متفائلة بأن التغييرات التي نمر بها سوف تقدم للمرأة ما كانت تصبو إليه من نيل حقوقها المغتصبة في ظل المجتمع الذكوري السائد، والذي يزداد تكريسه في شريحة لا بأس بها في المجتمع، من خلال الفكر التكفيري المتشدد الذي يزداد انتشاره، والذي لا يعطي النساء العربيات أقل ما تستحقه المساواة، الكرامة، الديمقراطية، العدل..مع أن التطورات  المتوالية على مجتمعاتنا  كانت المرأة حاضرة فيها ولا تزال، والمبادرة الإيجابية المحاورة المعاونة، والمساهمة في التغيير جنباً إلى جنب مع الرجل وأحياناً قبله.

أما غياث فيرى أننا في مرحلة إعادة اكتشاف الذات: نحن، الشباب العربي، في ظل التطورات الحاصلة على جميع المناحي، اليوم في مرحلة إعادة اكتشاف الذات لنتحقق من حقائق الوجود الاجتماعي التي نشأنا عليها، نعيد البحث عن أدوار فاعلة في الحياة يتسع حيزها لعطاءاتنا الحيوية،.. نصطدم بالموروث القيمي والذي طابعه السائد يميل إلى الثابت والجامد ويفزع هلعاً من شبح التغيير، إضافة إلى التناقض بين ما نشأنا عليه وما نتلقاه من محيطنا وعملنا ووسائل الإعلام المحلية والعالمية.

وحول هذه الفكرة توجهنا بالسؤال للسيدة ابتسام دالاتي وهي خريجة قسم الفلسفة من الثمانينيات: حتى اليوم تعرضنا عامة والشباب خاصة لتطور وعملية انتقال واضحة، فقد حدث التطور الاقتصادي، وهو العامل الأساسي الذي يجر معه تطوراً اجتماعياً وتكنولوجياً. وفي ظل ذلك الكم المتلاحق من التطور السريع نسبيًا فقد تداخلت معه الفوضى وشوهت بعض مفاهيمه. وكان أن نال الشباب والمرأة نصيباً لا بأس به من الاستقلال الاقتصادي عن الأهل، وتزايدت فرص العمل بتزايد تنوعها واتجاهاتها، فكان ذلك سببًا للاستقلال ولو جزئياً عن المجتمع الكبير، والمجتمع الصغير، المتمثل بالعائلة. وبدخول التكنولوجيا من باب واسع فتحت فجوة بين الشباب والأهل  فساعدت الشباب بالتفوق على خبرات الأهل وتقاليدهم التي كانوا يسيطرون بها على أولادهم. وقد حل محلها تطور العلم المتمثل بآلات وأدوات قربت أفكار شباب العالم وعاداته على تنوع قاراتهم ودولهم.

السؤال، هل أدى ذلك بالشباب إلى تكوين ذاته ؟

 اقتصادياً، نعم ولكن بشكل جزئي، والسبب هو التهافت الفوضوي على إمكانات العمل ودخول أشخاص غير اختصاصيين في العمل ذاته، مما خلق حالة من التنافس والاستغلال بين مجالات العمل والعاملين، وتلك حالة غريبة لأن التنافس بينهما غير متكافئ. أدى ذلك إلى تراجع الحالة الأخلاقية أمام الحالة المادية فكان أن نجح البعض في تكوين ذاته مادياً وأخفق البعض الآخر.

أما  اجتماعياً ففي ظل العامل السابق نجح البعض في التخلص من العادات الاجتماعية المحبطة، واستبدلوا بها عادات مستمدة من الفهم الأفضل للدين ومن متابعة الفكر الغربي. وهنا كان للتكنولوجيا التأثير الإيجابي من ناحية، إذ إنه فتح عيون الشباب على أفكار شباب من العالم الغربي الذي يسبقنا بأشواط، وكذلك فتح عيونهم على الحالات العلمية المتقدمة التي تتمثل بغربلة الأفكار القديمة ،الاجتماعية منها والعلمية، وفتح المجال لمختصّي الدين الشباب والمتنورين والذين يفهمون جوهره بإيصال نظرتهم. وكان لها تأثير بالنسبة إلى من وقفوا يتفرجون ويبحثون عن تلبية غرائزهم في التكنولوجيا التي فتحت الباب واسعاً، وبقوا في تلك المحطة، فكان ذلك خسارة للمجتمع بتلك الطاقات المهدورة والذين غدا جزء منهم عالة على المجتمع.

هل تأثرت المرأة؟

لقد  نالت المرأة الكثير من النجاح والقليل من الإخفاق. فقد أصبحت قادرة على إمكانية الاعتماد على نفسها علمياً ومادياً، وبالتالي اجتماعياً، ولكنها ما زالت تعاني تشابكَ الماضي مع الحاضر في ظل تعامل الرجل معها، والذي هو بذاته ما زال يعيش حاضره متشابكاً مع ماضيه. وهي تكافح في مجتمعها الكبير والصغير لتثبت ذاتها، ولكنها ما زالت تعيش بين السندان والمطرقة.

 ومازال هناك الكثيرات والكثيرون ممن يؤيدون المرأة، ولكن القليلات والقليلون يدركون جيداً معنى تحرر المرأة وتقدمها، ولكن كان سوء الفهم وراء تباطؤ تحرر المرأة بشكل أفضل.

العدد 1104 - 24/4/2024