المنع من السفر

الحرية الشخصية هي حق طبيعي ومقدس، ضمنه الدستور وصانه في المادة 33منه: (الحرية حق مقدس، وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية، وتحافظ على كرامتهم وأمنهم ).
وضمن الدستور حرية التنقل والإقامة والسفر في المادة 38 منه:
 (1-لا يجوز إبعاد المواطن عن الوطن أو منه أو منعه من العودة إليه)
(3- لكل مواطن الحق بالتنقل في أراضي الدولة أو مغادرتها، إلا إذا منع من ذلك بقرار من القضاء المختص، إن من النيابة العامة أو تنفيذاً لقوانين الصحة والسلامة العامة ).
وقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة  13/د: ( لكل فرد حق مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده وفي العودة إلى بلده).
وقد يكون أسباب المنع من السفر سياسياً أو أمنياً أو جنائياً. وتتعدد الجهات المنوط بها إصدار قرار منع السفر، سواء كانت جهات قضائية أو إدارية أو أمنية، كل بحسب اختصاصه. ويشترط في قرار منع السفر أن يقوم على أسباب تبرره واقعاً وقانوناً، وخضوعها لرقابة القضاء.
فلم يرد منع السفر كعقوبة أصلية أو فرعية أو إضافية في قانون العقوبات السوري، سواء أكانت الجريمة ذات صفة جنائية أم جنحية. ولم يرد كتدبير احترازي أو إصلاحي في القانون ذاته.
بل جاء كتدبير استثنائي أو وقائي من خلال النص والقرار الإداري والقضائي، إذ (تختص المحاكم السورية باتخاذ التدابير التحفظية والمؤقتة في سورية، ولو كانت غير مختصة بالدعوى الأصلية. وبذلك يدخل موضوع منع السفر من اختصاص القضاء المستعجل كتدبير تحفظي، وبالتالي فإن رفعه يكون أمام هذا القضاء بدعوى، والقرار الصادر يخضع للأصول المتبعة أمام القضاء المستعجل. وقد حددت المادة 460 أصول محاكمات مدنية، حالات منع السفر بسبب حق شخصي، يستثنى من ذلك من تجاوز الستين من عمره ولم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره.
وهناك حالات متفرقة من منع السفر: (منع الأم المطلقة من السفر بالمحضون -منع الحاضنة من السفر بالأولاد دون إذن الأب).
إضافة إلى ذلك يُمنع سفر المدين بدين هو من الأموال العامة، بقرار من وزير المالية. وهذا لا سند له في قانون جباية الأموال العامة، لأنه لايتضمن نصاً على منع السفر.
وقد أُعطي هذا الحق لإدارة الجمارك بمنع المخالفين من السفر، وورد منع السفر في ضربية البيوع العقارية. وأعطي هذا الحق أيضاً لبعض المديرين العامين، ورئيس الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، وللمحاكم الروحية.
وبما أن لهذه التجاوزات على الدستور مبرراتها وضروراتها لدرء الخطر المحدق بالدولة، فهذا لا ينافي أن تكون هذه القيود على السفر في أضيق نطاق، وتتناسب مع النتائج المرجو تحقيقها.
وبما أن المشكلة ليست في القانون وإنما في الأجهزة التنفيذية للقانون فلابد من إجراءات وقائية عدة لرأب الصدع في هذه التجاوزات على الحريات العامة والشخصية، وذلك بالاستعاضة عن هذه الأوامر الإدارية بقرارات قضائية عادلة ومحاكمة عادلة، حماية من المتطاولين في التعسف واستعمال السلطة، ومنع الجهة الإدارية من امتلاك السلطتين التنفيذية والقضائية في آن معاً.
وأن يتم تنظيم هذا التدبير تشريعياً، وذلك بوضع قوانين صارمة ومتشددة وتعزيز الرقابة القضائية عليها، حفاظاً على النظام والصحة العامة والأمن العام الوطني والأخلاق وحقوق وحريات الآخرين دعماً للكرامة الإنسانية.
 

العدد 1104 - 24/4/2024