الحب والحرب

سئل أحد القادمين إلى دمشق، ما الذي رأيته في شوارع الشام في ظل كل ما يحدث من قتل وتدمير؟ قال: وجدت الحب.

في شوارع دمشق ستلتقي بالحب حتماً، ستمر قرب حديقة المنشية وترى أزواجاً من العشاق، وقد ضم أحدهما الآخر خلسةً بعيداً عن الأعين تارة،  وتارةً أخرى علناً، وستتواطأ معهما أصوات المدافع ليقترب أحدهما من الآخر أكثر فيقول له كم يحبه.

ستمر قرب ساحة المرجة وسترى بعلنية لم تعهدها الساحات فتيات وشباناً يكتشفون الحب على مقاعد يحوطها الحمام والخبز المنثور. بينما المارّة يعبرون، وهذه المرّة يبتسمون ويغضون الطرف عن أولئك المحبين، فهو حب قد تخترقه رصاصة بأية لحظة.

في شوارع دمشق لم تعد الورود الحمراء الهدية الأبرز، فقد أصبح الدم هديةً من كل عاشق أو عاشقة، فيقدمان روحيهما لأجل بقاء الآخر، عشقاً بالطرقات السريّة، عشقاً بالذكريات والطفولة، عشقاً للحياة بكل متاهاتها ومفاجآتها. وهذا كله ستراه أيضاً في عبورك أزقة قديمة، في حارات خالية، بين الركام، في المشافي والساحات، في مدارس اللجوء وقصص الهروب التي تفيض بها دمشق. دمشق التي باتت اليوم تفيض بالدم والورود، تكتب قصصها بكل ألوان العشق وأساليبه، فلم يبقَ مزيد من الوقت للتمهُّل أو التخطيط أو ترتيب الكلمات، لأن في كل لحظة يعيشها السوريون فرصةً إضافية للبقاء قد تأتي أو يخطفها الموت..لذلك لن ينتظر أحد الرابع عشر من شباط،  فكل أيامنا  عيد للحب في زمن الحرب، في هذا الزمن يختلف الوقت والأساليب والمشاعر، فهي كلها في الفرصة الإضافية للحياة.

العدد 1105 - 01/5/2024