للنساء هموم مضاعفة

يُخشى بسبب كثرة الحديث عن قضايا المرأة وتداول المواضيع المتعلقة بالمشاكل والعنف الذي تتعرض له، أن يصبح الموضوع عادياً بل مملاً في بعض الأحيان، فيتحول إلى لغة مكررة تحمل المضامين  والحكايا والقصص نفسها، وأن يتحوّل في بعض الأحيان إلى مادة مثيرة للاستهزاء كالذين يقولون: (نريد أن تتكوّن جمعيات تحمي الرجال)، أو (نريد اتحاداً رجالياً). بمعنى أن الحديث زاد عن حدّه وأن المرأة وصلت إلى مراتب عالية وتعمل بالطريقة التي تريد، ونالت حرية في التعليم والعمل واتخاذ القرارات التي قد يحسدها عليها الرجل نفسه الذي يرى أن العبء صار ثقيلاً عليه. فماذا تريد بعد؟ متجاهلاً أن كل هذه الحقوق التي نالتها المرأة إنما هي في إطار مشاركته في تحمل الأعباء والمسؤوليات، وهي بالتالي تخفف عنه العبء والمسؤولية والالتزام ليصبح تشاركياً.

في الحقيقة الرجل والمجتمع يدركان ذلك جيداً لكنهما لا يعترفان، بل يتعمّدان مضاعفة الاعتماد على المرأة بحجة أن الوضع يسمح لها بالتعلم أو يسمح لها بالعمل، وهذا ليس ضرباً من الخيال، فبجولة صغيرة بين دوائر المؤسسات الحكومية والخاصة نلمس وقائع من حياة النساء الأسرية اللواتي يستيقظن مع بزوغ الشمس ليبدأن بتحضير الطعام لأطفالهن وتهيئتهم إلى المدرسة، ومن ثم إعداد الطعام وتجهيزه لوقت العودة إلى البيت، ويتابعن عملهن بالدوام الرسمي كالرجل تماماً، لكنهن ينشغلن بالكثير من الأمور، أهمها أن يكون كل شيء على ما يرام. فالشعور بالذنب هو ما يرافق المرأة العاملة، بأنها مقصّرة تجاه بيتها وأسرتها. وبكل تأكيد هذا يزيد عليها الضغوط اجتماعياً ونفسياً وجسدياً. وهذا الشعور بالذنب لم يأت بسبب عملها ولا بسبب أي تقصير قد يحدث. لكن شعورها هذا ينجم عن الزوج والمجتمع الذكوري، هذا الذي يتطلب منها أن تكون (إنسانة خارقة) قادرة على فعل كل شيء ودون أي تقصير، وأن تبقى بأبهى حلتها وقوتها، وأي تقصير يعني أنها لا تستحق أن تتمتع بتلك العطية وهي حقها الطبيعي بالتعلم أو بالعمل.

من هنا ربما يمل المجتمع من الحديث عن حقوق المرأة والمشاكل التي تعانيها. لكننا لن نملّ ولن نكترث، فهي قضيتنا، هي قضية مجتمع وتنمية ومواطنة، وسنبقى نناضل إلى أن تتحول إلى قضية كل فرد فينا.

العدد 1105 - 01/5/2024