المشاركة السياسية تدريب وتمكين

يطرح كثيراً موضوع (الكوتا) النسائية في البرلمان وفي الحكومة بوصفها حقاً أساسياً للمرأة في المشاركة السياسية. وكثيرة هي النقاشات، والتساؤلات حول هذا الحق: هل المرأة متمكنة وقادرة ومهيأة للوصول إلى السياسية أم أنه مازال مبكراً الحديث عن هذا الموضوع، ويحتاج النساء إلى نضال طويل ليتمكنَّ من أخذ حقهن ودورهن السياسي؟

وهنا لا بدّ من طرح التساؤلات المقابلة: هل الرجال متمكنون من القيام بالعمل السياسي؟ وهل تدرّبوا وناضلوا للحصول على هذا الحق بمعزل عن النساء؟

إن الشروط المتعلقة بالتمكين والتأهيل والتعليم يريدون تطبيقها فقط على المرأة، أما الرجل فلا ضرورة لكل ذلك، لأن العقلية الذكورية المتعلقة بحقوق المرأة والرجل مازالت هي المتحكمة في توزيع الأدوار، وفي إقصاء المرأة عن العمل السياسي والقيام بواجبها ودورها كمواطنة لها كامل الحقوق والواجبات.. وإن مشاركتها تحتاج إلى شروط صعبة لا تطلب أبداً من الرجل متجاهلين أن هذا حق أساسي للرجل، والمرأة معاً، وأن هذه الشروط يجب أن تفرض على الرجال والنساء معاً.

ومع هذا فقد بدأت النساء الناشطات في أنحاء عدة من بلدان العالم الثالث يطرحن موضوع دور النساء ومشاركتهن في السياسة كخطوة أساسية نحو إعادة تشكيل الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لتحقيق المساواة في الفرص، والوصول إلى نتائج تخدم النساء والرجال على حد سواء.. وهنا تتساءل (مهناز أفخمي) رئيسة منظمة التضامن النسائي للتعلم من أجل  الحقوق والتنمية والسلام عن المشاركة السياسية؟ وما هي السياسة؟ لماذا تشكل السياسة والمشاركة السياسية أهمية خاصة بالنسبة للنساء؟ لماذا حرمت النساء في كل العالم، وخاصة في البلدان النامية من حقهن بفرص متكافئة على صعيد العمل السياسي وفي معظم الصعد الأخرى؟ ما هي الفوائد التي سيجنيها النساء، إذا ما أصبحن ناشطات سياسياً ؟ وكيف يمكن للنساء أن يصبحن ناشطات سياسياً؟

الإجابة نستطيع تلمسها بتسليط الضوء على العناصر الأساسية في السياسة، وفي المشاركة السياسية التي هي بالغة الأهمية بالنسبة لأوضاع النساء ومصالحهن في جميع أنحاء العالم.

ومن هنا أتت أهمية التدريبات لتمكين النساء والرجال معاً من عملية القيادة السياسية، وذلك بوضع آليات ممارسة القيادة والتدرب عليها، وتمكين النساء والرجال معاً من الوصول إلى مفاهيم تتعلق بسياسات التواصل والتشبيك والتفاوض واتخاذ القرارات والتحالفات وغيرها مما يحتاجها كل من يريد أو تريد العمل في السياسة.. وفي مشاركة عدد من الجمعيات العاملة في مجال حقوق الإنسان والمرأة بشكل خاص تبنٍّ واضح لمفهوم التمكين من القيادة ومن إدراك مفاهيمها التي هي غائبة عن كل من يؤمن بالسلطة المركزية وبمفاهيم القيادة الهرمية ومواصفات القائد الفذّ الاستثنائي، لتطرح مفاهيم جديدة. فالقيادة هي تشاركية ولن تنجح ولن تقدّم عملاً حقيقياً مسؤولاً من الجميع دون الاتفاق على مبدأ الأفقية واللامركزية. ولن تتغيّر هذه المفاهيم إذا لم يتغيّر مفهوم القائد ذي القدرات الاستثنائية. فالقائد هو جزء من العملية القيادية التشاركية، وليس هو ملكها ومحتكرها. وهذا يعزز مشاركة المرأة في السياسة، فهي تتميّز بمقدرتها على إشراك كل من يعمل معها في عملية البناء ليأخذ كل فريق من الفرقاء العاملين معها وكل شخص دوراً يسألون عنه ويتشاركون في سلبياته وإيجابياته، ويقع على القيادة فقط إدارة هذه العملية بطريقة ديمقراطية بما يحمل هذا المصطلح من معنى.

العدد 1105 - 01/5/2024