العام الدراسي الجديد بدأ… وهمّ الأسر يزداد

هاهو ذا العام الدراسي قد بدأ بتاريخ 15 أيلول، وفتحت ثمانية عشر ألف مدرسة منتشرة في مختلف أنحاء سورية أبوابها لاستقبال أكثر من أربعة ملايين ونصف مليون تلميذ وتلميذة من جميـع مراحـل التعليم (رياض أطفال وأساسي وثانوي عام ومهني ومعاهد إعداد المدرسين)، في حين التحق أعضاء الهيئة الإدارية والتدريسية البالغ عددهم أكثر من ثلاثمئة ألف مدرس ومدرسة ومعلم ومعلمة وعامل وعاملة، التحقوا بعملهم قبل ذلك التاريخ بأسبوع لاتخاذ الإجراءات اللازمة.

قبل بداية العام الدراسي الجديد، أخذت الأسر تتحضر لاستقباله، على الرغم من جملة الصعوبات التي تواجهها، وخاصة ما يتعلق بالمستلزمات المدرسية، من لباس وقرطاسية، وحتى التسجيل في المدارس والروضات.

اكتظاظ كبير في مدارس الريف

ففي بعض مناطق ريف دمشق، وخاصة التي استقبلت الأسر المهجّرة، شهدت مدارسها اكتظاظاً كبيراً في عدد التلاميذ، وخاصة الحلقة الأولى والثانية والثالثة والرابعة، فقد وصل عدد التلاميذ في الصف الواحد في بعض المدارس إلى 70 تلميذاً. وهناك تلاميذ جلسوا على الأرض، لأن المقاعد الدراسية لم تعد تكفي استيعابهم، وذلك لحين تأمين مقاعد دراسية لهم. وكان لليونيسيف بالتعاون مع وزارة التربية دور كبير في استمرار العملية التربوية رغم الصعوبات التي تواجهها في تلك المناطق، إذ قامت بافتتاح العديد من الدورات التعليمية المجانية التي من شأنها أن تساعد التلميذ في تخطي مرحلة تعليمه، وخاصة مع الازدحام الكبير في الصفوف. أما المدرسون فأخذوا يواجهون صعوبة بالغة في ضبط هذا العدد الكبير من التلاميذ في الصف الواحد، والقدرة على إيصال المعلومة بوقتها المحدد وهو 45 دقيقة، وهذا وفق قول بعض المدرسين يحتاج إلى جهد مضاعف، لأن عدد التلاميذ تضاعف كثيراً في الصفوف.

الأسر: صعوبات في تأمين المستلزمات المدرسية

أما معاناة أسر التلاميذ، وخاصة مع بداية العام الدراسي، فاستطعنا الوقوف عليها بالحديث مع عدد من الأسر حديثاً عابراً، وكانت معظم الصعوبات لا تخرج عن النطاق الاقتصادي وارتفاع تكلفة المستلزمات المدرسية، إذ تواجه معظم الأسر صعوبة بالغة في تأمين مستلزمات العام الدراسي، فكثير من الأسر لم تستطع إلى الآن استكمال متطلبات أبنائهم.. فبعضها استعانت بالألبسة المدرسية المستعملة من بعض الجيران وأعادت تصليحها، خاصة بعد الارتفاع الشاهق في أسعار البدلات واللباس المدرسي، إذ بلغ سعر اللباس المدرسي ما بين 1500 و3 آلاف ليرة. أما الحقائب المدرسية فأسعارها تبدأ من ألف ليرة، وهناك الكثير من الأسر لم تشترِ لأبنائها العدد المطلوب من الدفاتر الدراسية، بسبب ارتفاع أسعارها غير المنطقي، فقد بلغ سعر الدفتر الواحد 125 ليرة، أي أن الورقة الواحدة من الدفتر أغلى من ليرة. وبالطبع فإن معظم المدارس تطلب من التلاميذ العديد من الدفاتر، وذلك وفق عدد المواد الدراسية. كما أن هناك مدارس تطلب دفاتر نهارية وتجليد لها، وبالطبع لا يوجد شيء مجاني أو رخيص الثمن، فسعر التجليد أصبح أكثر من 25 ليرة، هذا عدا أسعار القرطاسية، إذ بلغ سعر القلم الواحد 35 ليرة. وبالطبع فإن المدرسة تحتاج إلى الكثير، إذ إن تكلفة المستلزمات المدرسية أصبحت تكلف الأسرة أكثر من 15 ألف ليرة للطفل في الحلقة الأولى والثانية، وإذا كان في صف أعلى فالتكاليف أكثر.

ماذا عن الأسر المهجرة؟

أما الأسر المهجرة، فهم يواجهون صعوبات مالية مضاعفة وخانقة، فهناك من لا يستطيع أن يؤمن أجرة منزله، وهناك من يسكن في شقة على العظم، وهناك من لا يعمل أبداً، وجاءت متطلبات العام الدراسي، فزادت الطين بلّة نتيجة ارتفاع الأسعار. وزاد في ذلك الطلبات المتزايدة من المدرسين دون الشعور بأن هناك أسراً مخنوقة مادياً ولا تستطيع أن تؤمن لقمة عيشها.. وبالطبع المهجر لا يجد أي قدرة على تغطية هذه الطلبات المتزايدة، الأمر الذي يضع هذه الأسر في ضائقة معنوية ومادية معاً.. فهلا وجهت وزارة التربية المدارس بعدم التشدد في الطلبات غير المنطقية على الأسر؟.. لأننا نعتقد بأن العملية التربوية يمكن أن تستمر بقلم واحد ودون تجليد موحد للدفاتر وغيرها من الطلبات.

النقل..صعوبة مكلفة للغاية

ومن الصعوبات التي واجهت بعض الأسر، وخاصة في ريف دمشق هي صعوبة النقل وأجرة التنقل بين المناطق. فهناك مدارس في ريف دمشق بعيدة عن منزل التلميذ مع عدم توفر وسيلة نقل، مما يجعل الأسرة متخوفة من إرسال طفلها إلى المدرسة بمفرده، وذلك خوفاً عليه من أي طارئ قد يحدث نتيجة الأحداث الراهنة، وهو عائق نفسي أمام الأسر، ويقوم كثير من أولياء التلاميذ بالذهاب مع أطفالهم إلى المدرسة صباحاً، ويعودون لأخذه بعد انتهاء الدوام المدرسي.

أما بالنسبة إلى التلاميذ في المرحلة الإعدادية والثانوية فإن أجرة النقل مرتفعة كثيراً، مما شكل عبئاً نفسياً على التلميذ وصعوبة مادية على الأسر، إذ إن أجرة التنقل تكلف في حدود 6 آلاف ليرة شهرياً.

تعليق: وزارة الشؤون الاجتماعية…أين أنت؟

في ختام حديثنا نود التنبيه إلى أهمية أن تسعى وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع وزارة التربية والمنظمات الأهلية، قدر الإمكان، لمساعدة الأسر المهجّرة لتأمين مستلزمات أبنائهم المدرسية. وبالطبع فإن الثقل الكبير يقع على كاهل وزارة الشؤون الاجتماعية، لأن نشاطها يتعلق بالأمور الاجتماعية.. فأين هو نشاطها في هذا الأمر؟.. كما نأمل من وزارة التربية أن توجه المدارس بعدم زيادة الطلبات على التلاميذ وأن تخفض من تكلفتها عليهم، وأن تضع حداً للأسعار في الروضات الخاصة التي أصبحت أسعار التسجيل فيها تتراوح ما بين 40 و60 ألف ليرة، مما يجعل بعض الأسر تحذف هذه المرحلة بشكل نهائي من حياة الطفل.

العدد 1104 - 24/4/2024