الطريق إلى الامتحان

إنه ليس إعلاناً عن الطريقة المثلى لامتحان ناجح، أو الحديث عن الطريق الأقصر للوصول إلى امتحان دون خوف، بل هو قلق يعيشه طلابنا كل يوم أثناء قدومهم إلى الامتحانات، الطريق إلى قاعة الامتحان، هل هو سالك؟ كم سيأخذ من الوقت؟ كيف يمكن الوصول بأمان وفي الوقت المناسب إلى قاعة الامتحان؟ إنها هواجس تشغل بال الطلاب وأهاليهم وحتى المعلّمين ودكاترة الجامعات، كيف سيصل الطالب إلى الامتحان دون تأخير؟ وكم من الوقت سيضيع وهو يرتاد أحد السرافيس أو الباصات أو تاكسي الأجرة أو السيارات الخاصة، ربما هو همّ آخر يعادل همّ تحصيل النجاح أو العلامات المناسبة، وهو قلق يعادل قلق الرسوب، فإن لم يصل في الموعد المناسب، فلن يحق له تقديم المادة مهما قدّم من أعذار، فالحال واحدة عند الجميع، لكن أكثر من يعاني منها هو الطالب الذي يقطن في أماكن بعيدة نوعاً ما عن الكلية التي سيقدم بها الامتحان، وسيحسب حساب الوقت على الأقل ثلاث ساعات قبل موعد الامتحان.

فالحواجز، والطرق المقطوعة، والسيارات والسرافيس المتوقفة عن العمل، كلها تعني طريقاً أطول. فيتوجب على الطالب أن يسير وقتاً طويلاً على قدميه في أكثر الأوقات، وأن يدفع المزيد من المال إن احتاج وسيلة نقل أسرع (تكسي الأجرة مثلاً)، وهذا يعني المزيد من التوتر والقلق والخوف من أي حادث على الطريق من أي نوع، كقذيفة أو مداهمة أو اشتباك، ومن كيفية تدبير شؤونه المالية في ظل هذا الغلاء المريع، خاصة لسيارات الأجرة،  وفي هذا الوسط يذهب الطالب متأبطاً كتبه وأوراقه يذاكر حيناً في الطريق، وحيناً آخر يمرر الوقت بتبادل أطراف الحديث علّه يزيل القليل من توتره والضغط الذي لم يأت فقط من الطرقات المعقّدة ومن المصاريف الزائدة،  بل من ما يعيشه الطالب من ظرف مأساوي ضمن المأساة السورية، ضمن تلك الحرب التي تدمّر مستقبله قبل كل شيء، والتي لن يرى وهو يعيش أحداثها إلا التشاؤم الذي يخبره بأنه لا فائدة من كل ذلك، ولا معنى لكل جهده في ظل الوضع الحالي، فلا حلّ حقيقياً ينشله من واقع القتل والدمار، ولا معنى لكل تلك المؤتمرات إن بقيت تعقد بالطريقة ذاتها والأسلوب نفسه، فهي لم تخرج إلا بالقرارات غير القابلة للتطبيق، ليفكر الطالب الشاب-ة هو نفسه بإيجاد الحل، فهو نفسه سيخرج بحلّ بطريقته وبأسلوبه، فله الحق في اختيار مستقبله، وهو الأقدر على ذلك لأنه يحمل فكراً جديداً مبدعاً بعيداً عن الأفكار التقليدية المسبقة، فهل فكّر القائمون بإشراك الشباب بشكل جدي بعيداً عن المظاهر؟ هل فكّروا بوضع هذا الجيل الذي حمل معظمه السلاح في مكان آخر يساهم به في صياغة القرارات المستقبلية، أن إشراك الشباب في العملية السياسية ليس من باب الرفاهية، إنما هو حق  من حقوقهم، وأن على الحكومة والدولة وضعه من ضمن الأوليات إن أرادت فعلاً الخروج من هذا الواقع الأليم.

العدد 1104 - 24/4/2024