تحت شعار: «ستبقى فلسطين قضيتنا المركزية» اتحاد المحامين العرب يعقد اجتماع مكتبه الدائم في القاهرة

عقد المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب دورته الثانية لعام 2013 يومي 2و3 آذار 2014 في القاهرة تحت شعار: (ستبقى فلسطين قضيتنا المركزية)، بحضور الممثل الشخصي للسيد محمود عباس رئيس دولة فلسطين، وممثل الاتحاد الدولي للمحامين.

لقد حضر هذا الاجتماع للمكتب الدائم وفد من نقابة المحامين في الجمهورية العربية السورية، برئاسة المحامي الأستاذ نبيه جلاحج، وألقى كلمة النقابة باعتباره ممثلاً لنقيب المحامين الأستاذ نزار السكيف. وقد قال في كلمته:

(إننا نعرب عن سرورنا وتأييدنا وتقديرنا لانعقاد هذه الدورة للمكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب تحت شعار (ستبقى فلسطين قضيتنا المركزية)، لما لهذه القضية من أهمية خاصة في هذه الظروف المعقدة والصعبة التي تغرق فيها كل من البلدان العربية وتستغلها القوى الإمبريالية والصهيونية، بهدف تمرير مشاريع تصفية تهدر حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

ومن المعروف لديكم أن قضية فلسطين كانت ولا تزال البوصلة التي تحكم مسيرة ومواقف سورية، منذ أن بدأ الصراع العربي الصهيوني في المنطقة، وهذا هو أحد الأسباب الرئيسة التي تدفع من أجلها سورية ثمناً باهظاً في المعركة التي تخوضها اليوم.

ومع ذلك فإننا نرى أنه مهما كانت الظروف والصعوبات، فإن قضية فلسطين يجب أن لا تغيب أو تُغيّب بأي شكل من الأشكال، ذلك أن مستقبل أمتنا العربية كلها يتوقف أولاً وأخيراً على آفاق المعركة المستمرة بمواجهة الصهيونية وإسرائيل وحلفائها في العالم.

لقد جئنا إليكم من دمشق عاصمة الإقليم الشمالي إلى القاهرة عاصمة الجمهورية العربية المتحدة التي تمر في هذه الأيام ذكرى قيامها، كأول مشروع لتوحيد الأمة العربية في تاريخها الحديث.

وإننا بهذه المناسبة نتوجه بالتحية إلى شعب مصر العظيم بالإنجاز المظفر بانتصار ثورتيه ضد التبعية والاستبداد والرجعية.

أيها الإخوة الكرام..

سورية اليوم لم تعد سورية التي عرفتموها وعهدتموها، تلك التي تغنيتم طوال عقود بحبها وجودها ومواقفها الوطنية والقومية، سورية الأمن والأمان، سورية التي تزهر في مرابعها الفيحاء البسمة والفرحة والأحلام، وتشدو ينابيع أنهارها للعصافير وعيون الأطفال. سورية المحبة والوئام بين أبنائها من جميع الطوائف والمذاهب والأعراق، سورية حرب تشرين وحضن المقاومة، سورية قلب العروبة النابض تذرف اليوم الدمع والآلام وتنزف المآسي والأحزان، حدودها مرسومة بالدماء. وبعض تضاريسها أجساد وحطام، ومدنها خيمات عزاء.

في سورية اليوم حرب لم تشهد لها مثيلاً في تاريخها القديم أو القريب، عشرات الألوف من القتلى وأضعاف ذلك من الجرحى والمعوقين والأطفال اليتامى والأمهات الثكلى والزوجات الأرامل، وملايين المهجرين والمشردين داخل القطر وخارجه يعانون الجوع والبرد والحر وأبشع أنواع البؤس المعاناة والإذلال خارج الحدود، دُمّرت الأملاك الخاصة والعامة وبضمن ذلك المدارس والمستشفيات والطرقات والجسور والسكك الحديدية ومحطات توليد الطاقة وصوامع الحبوب وآبار البترول ومصافي النفط، واستبيحت المساجد والكنائس والأديرة، وفُكّكت وسرقت المصانع والمعامل، ونهبت المتاحف والآثار السورية وبيعت على أرصفة الشوارع في إسطنبول، وقُطع حتى رأس تمثال أبي العلاء المعري في معرة النعمان ورأس تمثال هارون الرشيد في الرقة حيث أقيمت أمارة إسلامية تمثل عيّنة عن الدولة التي يراد لها أن تقام في العراق والشام، وتشمل لبنان والأردن ولاحقاً جميع البلدان العربية.

تحت رايات سوداء (نفروا) من شتى بقاع الأرض، بأدمغة مغسولة بأكثر أنواع الفكر ظلامية وتكفيرية، ومبرمجة على القيام بأشد الجرائم قساوة ووحشية، جاؤوا مدججين بالمال والسلاح وبأنواع الاتصالات والمعلوماتية، ومدعومين بعشرات الفضائيات التي تبث الكراهية والحقد الطائفي والإرهابي، واحتشدت في خندق واحد الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو وتركيا أردوغان والسعودية وقطر ودول الخليج (الديمقراطية) والعراعرة والقرضاويون والقاعدة وداعش وأخواتها، في حلف غير مقدس، لتهديم الدولة السورية بكل ما فيها من بناء وتراث وحضارة وإنجازات.

تخوض سورية اليوم الحرب ليس دفاعاً عن حريتها وسيادتها ووحدة أرضها وأمن شعبها وحسب، بل وتدفع ثمناً باهظاً من أجل منع إمرار المخطط الهادف إلى إعادة رسم خريطة المنطقة بما يحقق أهداف الولايات المتحدة وإسرائيل من تقسيم دولها على أسس عرقية وطائفية ومذهبية، وتخوضها من أجل حماية المقاومة الفلسطينية واللبنانية وعدم ضياع حقوق الشعب الفلسطيني، بل وتخوض المعركة في مواجهة الحشود الإرهابية والتكفيرية المسلحة نيابة عن شعوب العالم، وبضمنها شعوب تلك الدول التي أرسلت وموّلت أو سهّلت إرسال هؤلاء الإرهابيين ووصولهم إلى سورية.  لقد ثبت بعد انقضاء ثلاث سنوات من الأزمة التي تمر بها سورية فشل جميع المحاولات الرامية إلى فرض حل عسكري خارجي على سورية، سواء من خلال طرح مشاريع ما سمي بمناطق عازلة أو آمنة أو حظر للطيران، وحتى التهديدات بتدخل عسكري مباشر، وإذا كان السبب الرئيسي في هذا الفشل هو الصمود السوري رغم كل الصعوبات والخسائر والحصار الاقتصادي الذي مورس ضدها، إلا أنه كان لأصدقاء سورية وحلفائها وخاصة روسيا والصين وكذلك إيران ودول البريكس، دور بارز في إحباط تلك المشاريع، مما دفع معظم القوى المؤثرة في القضية السورية بعد كل ذلك إلى التوصل إلى قناعة بأن الحل لا يمكن أن يكون إلا حلاً سياسياً يحافظ على استقلال سورية ويضمن وحدة أرضها وسيادة دولتها وأمن شعبها.

ورغم أن القضية السورية أخذت أبعاداً إقليمية ودولية أكثر فأكثر، إلا أنه ينبغي التأكيد أن الحل أولاً وآخراً لا يمكن أن يكون إلا حلاً سورياً سورياً، تتفق عليه القوى الوطنية والخيّرة من جميع مكونات وأطياف المجتمع السوري. ومن المؤكد أن هذه القوى ستتمكن من التوصل إلى حل يؤدي إلى بناء سورية التي يسود فيها القانون واستقلال القضاء وفصل السلطات وحقوق الإنسان ومحاربة الفساد، ويتمتع شعبها بالحرية والكرامة والرفاهية والعدالة الاجتماعية.

نعم، إن الأزمة التي تمر بها سورية معقدة وصعبة وعميقة ومركبة، إلا أننا على ثقة بأن بلادنا رغم الثمن الباهظ التي تدفعه اليوم، ستخرج أكثر قوة وصلابة، وستنهض سورية بحمية شعبها ووحدته وحيويته أجمل وأحلى، لتلعب دورها الوطني والقومي والإنساني الذي لم تتخلَّ عنه يوماً.

ونحن نأمل أن تعقد الدورة القادمة للمكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب في دمشق.

المجد والخلود لشهداء الأمة العربية)!

 

وقد أصدر المكتب الدائم في نهاية أعماله البيان الختامي الذي ورد فيه (إن المكتب بعد المناقشة وإبداء الملاحظات أقر التقرير المقدم من الأمين العام للاتحاد الذي تعرض فيه للوضع العربي والإقليمي والدولي).

وقد جاء في التقرير أن (المكتب تعرض للمخاطر والمؤامرات والتهديدات التي تحيط بالأمة العربية وبدولها في ظل المشروع الأمريكي الصهيوني الذي يهدف إلى تقسيمها لدويلات قائمة على أساس ديني أو عرقي أو اثني، والاستيلاء على خيرات الأمة ومواردها الطبيعية، والقضاء على الإنسان العربي والنيل من ثقافته وعروبته، وكسر إرادته بحيث يبقى الوضع السياسي في المنطقة يخدم المصالح الأمريكية الصهيونية دون سواها، بمساعدة بعض الأنظمة العربية، كل ذلك لضمان تدفق البترول العربي، ووضع اليد على ثروات الأمة العربية والمحافظة على أمن الكيان الصهيوني ومواجهة دول الممانعة والمقاومة).

(وناقش المكتب الدائم حالات الاستبداد والتبعية والفساد السياسي والمالي التي تمارسها بعض الأنظمة العربية في حق شعوبها العربية المحرومة أصلاً من حقوقها الأساسية ومن صناعة قرارها السياسي، والتي قهرتها اعتقالاً وتعذيباً ومحاكمة أمام محاكم عسكرية واستثنائية وحرمانها من حق تكوين أحزابها وتنظيماتها النقابية والعمالية ديمقراطياً، هذا إضافة إلى الفقر والمرض والجهل الذي هو السمة التي تعاني منها هذه الجماهير).

(وقد خصص المكتب الدائم أعمال هذه الدورة للقضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية رافضاً احتلال فلسطين المخالف للقوانين والمواثيق الدولية، ومؤكداً أن فلسطين عربية من النهر إلى البحر، وأن شعبها شعب عربي يجب على الجميع حاكمين ومحكومين دعمه ومساندته بكل الوسائل المادية والعسكرية والمعنوية حتى التحرير وإزالة الاحتلال).

(وتعرض المكتب الدائم للواقع المرير لفلسطين الجريحة المحتلة، ونضال شعبها البطل، وللعراق المناضل الذي قاوم الاستعمار الأمريكي والغربي، وتعرض أيضاً للاقتتال الصومالي ولأوضاع موريتانيا، ولانتزاع جنوب السودان من دولته الموحدة وضرب ليبيا والقضاء على بنيتها الأساسية، والاقتتال المسلح المفروض على الشعب السوري والشعب اليمني، المدجج بكل وسائل الدعم العسكري والمالي من أعداء هذه الأمة).  (ويثمن المكتب عالياً، وبكل الامتنان، وقوف روسيا والصين ودول البريكس إلى جانب قضايانا القومية في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها أمتنا العربية).

(ويؤكد المكتب دعمه الكامل لكل المطالب الإصلاحية المشروعة التي يطالب بها الشعب العربي في سورية، وضرورة القضاء على منظومتي الفساد والعصابات المسلحة الإجرامية المرتبطة بأعداء سورية، والتي تعرّض سورية وشعبها وأرضها للضياع، والعمل على تقوية أواصر الوحدة الوطنية التي تنطلق منها المواقف الوطنية والقومية لسورية كدولة مقاومة وممانعة وداعمة لقضايا أمتها العربية في التحرر والتقدم والاستقلال).

(ويطالب المكتب الدائم أن يستمر الحوار الوطني السوري بين جميع الفصائل السياسية السورية، ويدعو إلى الاستجابة للمطالب المشروعة والعمل الجاد على إقرارها وتنفيذها من خلال الحوار الوطني الجامع الذي يجب أن يجري على أرض سورية وبين السوريين أنفسهم بعيداً عن أعداء سورية ، ويعتبره المخرج الوحيد لبناء المجتمع الديمقراطي الحر، والحفاظ على استقلال سورية ووحدة أراضيها وشعبها بمختلف أطيافه ويحمي وحدته الوطنية).

(ومن أجل ذلك فإن المكتب يرفض كل عملاء المشروع الأمريكي الصهيوني الذين جُلبوا بأسلحتهم وعتادهم محمولين إلى أرض سورية لزعزعة وجودها وبقائها واستمرارها.

ويدين المكتب كل الدول العربية والأجنبية التي تدعم هذه العصابات المسلحة التي تهدم المدن والمصانع والتراث، وتقضي على الثروة الزراعية، بعد أن قتلت ومازالت تقتل آلاف الأبرياء، وهجّرتهم إلى دول عديدة مخلّفين تداعيات إنسانية تزيد من الهم العربي هماً جديداً).

(ويتمسك المكتب الدائم بثوابته، فيؤكد أن الجولان عربية، وأن لا قيمة قانونية لكل القرارات الصادرة عن الكيان الصهيوني بضمّها، وأن هذه القطعة العزيزة من أرض سورية ستعود رغم كل محاولات اللعب بديمغرافيتها، ويحيي المكتب أبناء الجولان السوري المحتل وصمودهم وتمسكهم بعروبتهم ، ويدعم كل الجهود الرامية لإطلاق سراح الأسرى في سجون الاحتلال).

وفي إطار إملاء المقاعد الشاغرة في المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب جرى انتخاب الأستاذين شريف مصطفى الكوش وعمران أحمد عمران الزاوي من سورية، عضوين منضمّين للمكتب.

كما تقرر عقد المكتب الدائم المقبل لعام 2014 في دمشق.

العدد 1105 - 01/5/2024