نظام الحكم في الجمهورية العربية السورية
تتعدد أنظمة الحكم في الدول، من نظام ملكي إلى نظام جمهوري إلى نظام برلماني، ولم تكن هذه الأنظمة إلا نتاج تطور حضاري على مدى التاريخ، ويعتبر النظام الملكي أقدمها.
ثم أتى النظام الجمهوري مع تطور أنظمة الحكم واعتبر نظاماً ديمقراطياً، وأول ما أتى هذا النظام في العصر الحديث في الولايات المتحدة في عام( 1789) بعد قيام الاتحاد الأمريكي، ثم جاءت الثورة الفرنسية مباشرة، فأول جمهورية فرنسية كانت بتاريخ (1792 1799)، ثم عاد النظام الملكي إلى أن قامت الجمهورية الفرنسية الثانية (18481851)، ثم عادت الملكية لتأتي الجمهورية الفرنسية الثالثة في (1875 1940).
وجرى الانتقال في سورية إلى النظام الجمهوري في عهد الانتداب الفرنسي لسورية، ففي عام
1935 قام أول نظام جمهوري فرضته المقاومة على فرنسا، لكن تدخل المندوب السامي في شؤون الدولة دفع رئيس الجمهورية إلى تقديم الاستقالة للمجلس النيابي، فبادر المندوب السامي في 8 تموز1938 إلى حل المجلس النيابي وتعطيل الدستور، وبقي الحال كذلك إلى 1943 فأعيد الحال إلى ما قبل 8 تموز 1938بإقامة دولة ذات نظام جمهوري نيابي يستلهم الدستور الفرنسي .
ونص الدستور على: (يشترط في رئيس الجمهورية أن يكون قد أتم الخامسة والثلاثين وينتخبه مجلس النواب بالاقتراع السري، ولا يجوز الجمع بين رئاسة الجمهورية والمجلس النيابي، ومدة ولايته خمس سنوات ولايجوز انتخابه إلا بعد انقضاء خمس سنوات على رئاسته ). وبقي العمل بهذا النص إلى أن أتت أول حكومة عسكرية بقيادة الديكتاتور الصغير حسني الزعيم، الذي أصدر مرسوماً يقضي بإجراء استفتاء شعبي لتنصيب رئيس الجمهورية.
وفي فترة قليلة قام سامي الحناوي بانقلاب على حسني الزعيم، فألغى الدستور الجديد آنذاك الاستفتاء الشعبي، وأبقى على أنه ينتخب من قبل مجلس النواب ومدة ولايته خمس سنوات، وبقي العمل بهذا الدستور لحين قيام الوحدة بين سورية ومصر تطبيق دستور الوحدة المؤقت الذي تم فيه الاستفتاء على أن جمال عبد الناصر رئيساً لدولتها (الجمهورية العربية المتحدة ) أي أن نظام الاستفتاء أعيد لانتخاب رئيس الجمهورية .
وفي فترة الانفصال مابين 1961و1963 عاشت البلاد فترة مجهولة لنا تاريخياً، هناك من يعتبرها أنها كانت مزدهرة، ومنهم من اعتبرها حالة اضطرابات، لكن بعد الثامن من آذار صدر دستور 1964 الذي حدد مبدأ قيادة الحزب الواحد وأن القيادة على المستوى الحزبي جماعية، إذ يقوم المجلس الوطني للثورة ( الهيئة الواسعة ) ومجلس الرئاسة (الهيئة المصغرة ) فيتولى المجلس السلطة التشريعية ومراقبة أعمال السلطة التنفيذية، وينتخب من بين أعضائه رئيس مجلس الرئاسة، ويمارس هذا المجلس السلطة التنفيذية مع مجلس الوزراء، أي ان الرئاسة كانت جماعية كما ذكرنا..
إلى أن حدثت حركة 23 شباط 1966 وأطاحت بالدستور القديم ونظمت ممارسة السلطة خلال فترة انتقالية، بمقتضى أحكام القرار رقم 2 الصادر بتاريخ 25 شباط 1966 ( صدر المراسيم التشريعية بتوقيع رئيس الدولة بعد إقرارها في مجلس الوزراء…..إلخ).
ولم يحدد أي تنظيم لانتخابات رئيس الجمهورية، لأنها اعتبرت فترة انتقالية إلى عام 1969تنفيذاً لمقررات المؤتمر القطري الرابع الاستثنائي لحزب البعث، التي تضمنت إقامة مجلس للشعب منتخب على مستوى القطر يمارس دور التشريع ووضع الدستور. وقد صدر الدستور وتبناه المجلس الثوري لحركة 16 تشرين الثاني ،1970 وحدد أن رئيس الجمهورية يتم اختياره عن طريق الاستفتاء الشعبي، ويتم ترشيحه من مجلس الشعب بناء على اقتراح القيادة القطرية، مدة ولايته سبع سنوات. ثم صدر الدستور الدائم لعام 1973 الذي ثبت النظام الرئاسي الآنف الذكر، وبقي معمولاً به لحين صدور دستور 2012 الذي أعاد نظام الانتخاب بدلاً من الاستفتاء، لكن بشروط تعجيزية للمرشحين الجدد، وحدد ولايتين فقط لايجوز بعد ذلك أن يرشح نفسه .