ندوة حول التشاركية الوطنية وتقاسم المسؤولية

بتاريخ 18 آذار2014 نظم فرع حزب البعث العربي الاشتراكي بحماة ندوة تحت عنوان (التشاركية الوطنية وتقاسم المسؤولية) بمناسبة ذكرى توقيع ميثاق الجبهة الوطنية التقدمية. وقدم الرفيق خالد ديوب،  ممثل الحزب الشيوعي السوري الموحد، مداخلة عن التشاركية هذا نصها:                           

إن التحالفات بين القوى السياسية تخضع للشرط التاريخي الذي تعقد فيه هذه التحالفات، ومن باكورة العمل التحالفي والأعمال المشتركة بين القوى السياسية في بلادنا انعقاد مؤتمر زحلة عام 1934 الذي تبنى بحث القضايا القومية والعربية وتشكيل لجان الدفاع عن عروبة إسكندرون من ممثلي الحزب الشيوعي السوري والشباب الوطني وعصبة العمل القومي والنادي العربي، والنضال في سبيل الجلاء والاستقلال والوقوف ضد الأحلاف والمشاريع الاستعمارية مثل حلف بغداد ومشروع سورية الكبرى.

إننا نحن الشيوعيين نرى أن التحالف الجبهوي يزدهر بالتعددية والتنوع، وقوته تكمن في قوة أحزابه، وننظر إليه على أساس استراتيجي ونطمح أن يكون قادراً على خلق أكبر تجمع جماهيري حوله، وتعبئته في النضال الوطني والاجتماعي وتعزيز دوره في حياة البلاد باعتباره إحدى أهم وسائل ترسيخ الوحدة الوطنية وتعبئة الطاقات من أجل المصالح الأساسية للجماهير، ومن أجل الديمقراطية والنضال ضد المشاريع الأمريكية والصهيونية.

لقد امتحن هذا التحالف في المعارك الوطنية الداخلية والخارجية التي استهدفت السيادة الوطنية والتوجهات الاجتماعية، وأعطى ثماره. أما الامتحان الاقتصادي الاجتماعي والديمقراطي فلم يكن على ما يرام، ويعود ذلك لأسباب عديدة، أهمها السياسات الاقتصادية التي استهدفت دور القطاع العام في قيادة الاقتصاد الوطني، والانفراد بالسلطة وبمواقع اتخاذ القرار السياسي والاقتصادي وعدم الإقدام على إصدار القوانين ومنها قانون الأحزاب وتعديل الدستور مما أدى إلى تباطؤ التنمية وتقلص فرص العمل الحقيقية، واستفحال البطالة، وانتشار الفساد الذي بدد موارد الدولة وانتهك سيادة القانون وخلق استياء جماهيرياً واسعاً، ولم تفلح المبادرات والمذكرات المتعددة التي تقدم بها حزبنا الشيوعي السوري الموحد وباقي أحزاب الجبهة في معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية، وشكل ذلك إخلالاً بميثاق الجبهة، ولم يكن للجبهة دور في مناقشة القضايا واتخاذ القرارات بشأنها، كما أن المؤتمرات السنوية للقيادة المركزية للجبهة وفروعها لم ترق إلى مستوى اتخاذ القرارات النافذة، مما أبعد المجتمع عن السياسة وخاصة شريحة الشباب، وانتقص من مكانة الجبهة ودورها في حياة البلاد وفتح المجال لتوجيه الانتقادات اللاذعة لها ولأحزابها.

جملة هذه العوامل أفسحت المجال أمام قوى التآمر الخارجي المتربص بنا أن تركب الموجة وتحرف نضال القوى الوطنية والديمقراطية عن مساره، وتحل محله، ويكبر مشهد التدخل الخارجي والتلويح بإمكانية التدخل العسكري، إلا أن صحوة الجيش والشعب، وبروز القطب الدولي المتمثل بالفيتو الروسي الصيني قوضا انفراد أمريكا بالسياسة الدولية، وتلا ذلك زج خيار الحل السياسي والحوار لإنجاز الميثاق الوطني، والانتقال إلى مرحلة جديدة قوامها قيادة القطاع العام للاقتصاد الوطني لتحقيق التنمية والتوزيع العادل للإنتاج، والتراجع عن سياسة اقتصاد السوق، وتداول السلطة عن طريق الانتخاب، ومعالجة أوضاع الجماهير المعاشية والاجتماعية، وتعميم المصالحات الوطنية وإطلاق سراح معتقلي الرأي والموقوفين من صفوف المعارضة الوطنية وعودة المهجرين إلى ديارهم ولملمة الجراح.

إن القوانين التي صدرت وتعديل الدستور أمنت القاعدة القانونية والتشريعية للانتقال إلى عقد اجتماعي جديد، وخلقت المناخ لتجاوز سلبيات الماضي وتعميق التحالفات على ضوء المستجدات.

إن أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية التي صمدت خلال السنوات المنصرمة قادرة على متابعة السير في الطريق الصحيح.

العدد 1105 - 01/5/2024