في غياب الثقافة القانونية

من المهم إدراك دور المعرفة القانونية في تفاصيل الحياة، هذه المعرفة يحتاجها كل مواطن وفرد في المجتمع والدولة، فإدراك الإنسان لحقوقه وواجباته هو إدراك لدوره في المجتمع وفي الدولة، ولو لم يَسُدْها القانون،أي حتى في غياب القانون من المهم معرفة الحق،  فمعرفة الحق على الأقل تضع حدّاً لأن يصبح انتهاكه عادة، وكي لا يتحوّل هذا الحق الطبيعي إلى جائزة أو منّة يتحف البعضُ به المواطن، ليعتقد أنّه يتوجب عليه الشكر والعرفان كلما أعطي فتاتاً من حقوقه المنصوص عنها في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وفي معظم الدساتير التي لا تغفل أولويات الحق في الحياة والتعلم والصحة وبناء أسرة والسكن وحرية التعبير والانتقال والحق بالجنسية والاسم والاعتقاد…إلخ

ومن هنا يأتي دور الثقافة القانونية التي تبدأ من المناهج الدراسية، وتنتقل إلى فعل ممارسة يومية في كل مناحي الحياة، في المدرسة والأسرة ووسائل الإعلام والمؤسسات والمرافق العامة، في الطرقات والحدائق والمنتزهات والملاعب، وهذا بحد ذاته تكريس لقيم المواطنة ، فكيف لمواطن أن ينتخب إن لم يدرك أن هذا حق له وواجب عليه، وأن ذلك جزء من دوره الذي لا بدّ من تفعيله، وهو على ثقة بأن هذا الصوت سوف يكون له كل الأثر في نتائج الانتخابات؟ كيف لمواطن ألا يعبث بمرفق عام إن لم يكن على ثقة بأن هذا الضرر سيعود عليه، وأن ريع هذا المرفق العام سيعود له، فهو مالكه الحقيقي، لأنه مواطن شريك في عملية البناء؟  في غياب الثقافة القانونية لن يدرك المواطن دوره، ولن يدرك حقه، ولن يطالب به، وستُنتهك كل الحقوق تحت أسماء عديدة، فالرشوة (هدية)! والاحتيال (شطارة)! والتهرب من الضريبة (ذكاء)! و(الباب يللي بيجيك منّو الريح سدّو واستريح)! و_امش الحيط الحيط وقل ياربّ السترة!) و(الهريبة تلتين المراجل)!!..

العدد 1105 - 01/5/2024