أوباما وآل سعود… هل تتحقق رغبتهم بقلب الموازين في سورية؟

لم تكن زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأخيرة لآل سعود سوى حلقة جديدة من حلقات التآمر على الأمة العربية، ذلك أن تاريخ آل سعود يشهد برغباتهم الجامحة لتدمير ما بقي من الوطن العربي وتمزيقه، رغبة منهم في البقاء متحكمين بمصير العالم العربي من خلال ثرواتهم التخريبية للدول العربية، فبعد التطور الكبير في العلاقات السعودية الصهيونية يصرّ آل سعود على اغتنام كل فرصة في تمزيق شمل الدول العربية وتشتيت ثرواته وخلق الفتن بين أبناء الأمة العربية، وتؤكد دراسة على غاية من الأهمية نشرها مركز (غلوبال ريسرتش) تحت عنوان: (أولويات إسرائيل والسعودية في سورية: العمليات السرية العسكرية واستراتيجية اللبننة)، تؤكد هذه الدراسة على قوة التحالف الصهيوني السعودي ضد سورية، واصفة إياه ب: (التحالف السعودي الإسرائيلي الهادف إلى تدمير سورية).

وذكر المركز أن التحالف بين (إسرائيل) والسعودية سمح لإدارة أوباما بالاستمرار في دعمها العسكري السري للمسلحين المعارضين مع اطلاعها الكامل على أن غالبية المسلحين على الأرض هم من التكفيريين الذين ينفذون أجندة طائفية، وتظاهرها علناً بتبني أسلوب التفاوض. ويؤكد التقرير أن إدارة أوباما استخدمت أسلوب العصا والجزرة في محاولة للضغط على الحكومة السورية، لكن محادثات جنيف 2 الأخيرة كشفت فشل الاستراتيجية الأمريكية في مقابل استراتيجية الحكومة السورية وحلفائها. فبدأ بتداول أخبار عن تحضير شحنة أسلحة جديدة للمسلحين في سورية مع إعلان الجيش السوري دخوله إلى منطقة القلمون واستهدافه ليبرود تحديداً، وتحريرها فيما بعد من الجماعات الإرهابية، وهي معقل الجماعات المسلحة ومنطقة الربط الإستراتيجية مع لبنان.

وتابع التقرير: إن (إسرائيل) من جهتها أبدت ارتياحها الواضح لتدمير سورية ومحاربة الشعب السوري. وأثبتت عدة تقارير نقل مئات من المسلحين لتلقي العلاج في المستشفيات الإسرائيلية، ثم إعادتهم إلى سورية مع تزويدهم بمبالغ مالية كبيرة. واعتبر (غلوبال ريسرتش) أن السعودية التي وصفها ب(الشريك الاستراتيجي لإسرائيل في المنطقة)، تمتلك التأثير الأكبر مادياً وسياسياً لدعم التكفيريين الذي من شأنه أن يؤدي إلى تفكك سورية وتدميرها. كما عمدت السعودية وبعض الدول الخليجية إلى تأجيج المشاعر الطائفية، لإلباس الصراع ذي الطابع السياسي أساساً غطاء طائفياً. بحسب التقرير وبحسب الموقع فإن (المحاولات السعودية الأخيرة المتمثلة بالتملص من المقاتلين التكفيريين في سورية هي تجميلية إلى حد كبير وللاستهلاك العام. فالقيادة السعودية ترى القاعدة وبقية الجماعات التكفيرية وكيلاً لها في بقية دول المنطقة ضد أي تهديد حقيقي لأنفسهم، فهي تشكل عنصراً حاسماً في السياسة الخارجية السعودية خاصة لتنفيذ العمليات السرية. وتؤكد مصادر رفيعة المستوى أن الرياض استبقت زيارة الرئيس الأمريكي بإعلان شراء المملكة أسلحة نوعية تضم 15 ألف صاروخ مضاد للدبابات، لما يسمى المعارضة السورية إمعاناً من آل سعود ورغبتهم الجامحة بالاستمرار في تدمير سورية، فقد خصصت المملكة مبلغ300 مليون دولار أمريكي لشراء أسلحة للإرهابيين في سورية، مشيرة إلى أنه تم شراء كميات كبيرة من الأسلحة النوعية الجديدة، منها 15 ألف صاروخ مضاد للدبابات. ويأتي ذلك، عشية زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى السعودية، يوم الجمعة 28/3/،2014 ويتوقع أن تشهد الرياض محادثات، (إيجابية وبناءة) حسب وصفهم، وفق ما أكدت ذات المصادر.

وتتوقع السعودية أن تسفر المحادثات مع الرئيس أوباما عن تفاهم مشترك بشأن العديد من القضايا المتعلقة بالأوضاع في المنطقة، خصوصاً بشأن الأزمة في سورية، وموقف الإدارة الأمريكية المتردد، في دعم ما يسمى (المعارضة السورية) وتنظيماتها المسلحة، التي تقاتل الدولة السورية. والحقيقة أن الهدف الأهم من الزيارة هو العمل على قلب موازين القوى في سورية لصالح ما يسمى بالمعارضة السورية المنهارة أمام تقدم الجيش السوري في كثير من المناطق السورية لاسيما القلمون والحصن، ولهذا عمل النظام التركي الأردوغاني على فتح قنوات جديدة في الساحل السوري لصرف الأنظار عن انتصارات الجيش السوري في أكثر من منطقة في سورية. وفي هذا الإطار، يرى الخبير في الشؤون الخليجية سايمون هندرسون أن الملك السعودي يخشى التقارب الديبلوماسي بين طهران وواشنطن، الذي قد يحافظ على القدرات النووية الإيرانية، فيما يدعم الملك إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، فهو يرى أن تغيير النظام في دمشق يمثل انتكاسة استراتيجية لإيران.

ويعتبر هندرسون في مقالة نشرت في (معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى) أن (تغيير القيادة في الجهاز الأمني والاستخباراتي السعودي قد يؤدي إلى التخفيف من حدة الخلافات بشأن بعض القضايا التي ناقشها أوباما وعبد الله بالرغم من وجود فجوات قائمة بشأن الضرورة الملحة للأزمة السورية ووسائل التعامل معها). واعتبر النائب السابق لوكيل وزارة الدفاع الأمريكية، خلال إدارة الرئيس جورج بوش، جاد بابين، في مقالة نشرتها صحيفة (واشنطن تايمز) الأمريكية، أن المملكة ستواجه (خلال الثلاث إلى الخمس سنوات المقبلة تهديدات خطيرة من الخارج ناتجة عن ثلاث جهات: الولايات المتحدة، إيران والسعوديين أنفسهم)، مؤكداً أن (العائلة الحاكمة في السعودية تخشى بشدة من أن تنتهي الأزمة السورية بنسخة جديدة من نظام الأسد المدعوم من إيران وروسيا، وهو ما سيدفع المسلحين إلى اختراق العراق ثم عبور الحدود السعودية، وبالتالي زعزعة النظام داخل المملكة).

من جهته، ذهب توماس ليبمان، في مقالة بعنوان (السعودية، سورية، وشبح بن لادن) نشرها (معهد الشرق الأوسط) للدراسات، إلى القول: (صحيحٌ أن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن قتل، ولكن شبحه ما زال يخيّم على الرياض، وهو ما جعل الملك السعودي يصدر المراسيم الأخيرة المتعلّقة بمحاربة الإرهاب)، مشيراً إلى أن (القرار الملكي السعودي نتج عن رصد مئات الشباب السعودي المنخرط في صفوف الجماعات الجهادية الأكثر راديكالية التي تقاتل في سورية إلا أن السبب الحقيقي وراء هذا القرار هو التخوّف من تكرار تجربة الحرب السوفييتية ضد أفغانستان في العام 1980).بقي أن نشير إلى أن زيارة أوباما للسعودية وصفت بزيارة  (ترميم للأسوار).

وقد ألمح وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأمريكي جون كيري في تشرين الثاني الماضي، إلى أن الأسوار قد لا يتم ترميمها لأن (العلاقة الحقيقية بين الأصدقاء تبنى على الصدق والصراحة بدلاً من مجرد مجاملة) فيما انتقد الأمير تركي الفيصل، في مقابلة مع صحيفة (وول ستريت جورنال) في كانون الأول الماضي، إدارة أوباما لإخفاء تطورات المحادثات مع إيران عن بلاده، متسائلاً (كيف يمكن بناء الثقة والحفاظ على الأسرار مع أقرب الحلفاء؟).

أخيراً لابد من القول: إن الإدارة الأمريكية والصهاينة وآل سعود بذلوا كل ما بوسعهم بغية قلب الموازين في سورية لصالح الإرهابيين، بيد أن انتصارات الجيش السوري وتحقيق المصالحات في أكثر من منطقة في سورية، تُثبتُ أن انعطاف الأزمة السورية لن يكون في حال من الأحوال لصالح الإرهابيين في سورية، فمعظم الشعب السوري غدا بأمسِّ الحاجة للاستقرار والتخلص من الإرهاب الوهابي التكفيري.

العدد 1105 - 01/5/2024