التشييء الجنسي والتحرش

اعتبرت منظمة (نسوية) (التشييء الجنسي) أنه معاملة شخص آخر على أنه أداة لتلبية الرغبات الجنسية دون اكتراث لذاتيته واستقلاليته وقراره، ويعني اعتبار المرأة أداة لإرضاء الحاجة الجنسية وعدم رؤيتها إلا من هذه الزاوية، ويعني اعتبار الرجل أداة أيضاً، ما يعطي المجتمع الذكوري بنسائه ورجاله التبرير لحالة التحرش التي تنتشر في مجتمعاتنا بشكل شبه عادي، بسبب التغاضي عنه في أكثر الأحيان، وبكل تأكيد يختلف عن التودد بنقطة أساسية هي الشعور بالانزعاج والغضب والخجل في حالة التحرش، واختلاف الشعور في حالة التودد ولو كان بالفعل نفسه والطريقة نفسها لكن الشعور يختلف..

فالتحرش هو أي شكل من التلميحات الجنسية غير المرحّب بها، كلما انتهك شخص ما خصوصية جسمِك أو حيزك وجعلك تشعرين بالانزعاج. وتختلف أنواع التحرش الجنسي ودرجاته وأماكنه ومنفذوه، ولكن بإمكان جميع النساء أن يفهمن ذلك الشعور الذي يخالجنا عندما يتجاوز أحد ما خط خصوصيتنا وسلامتنا وشعورنا بالأمان ..

واعتبر القانون السوري أن التحرش يقع على الذكور والإناث ويعاقب عليه، لكن لا بدّ من معطيات لاعتبار الفعل تحرّشاً، فهو يقع ضمن الفعل المنافي للحشمة والفعل المخل بالحياء.

وما بين التحرش في تعريف المنظمات وتعريف القانون بعد يتعلق بنقص في القانون الذي يحتاج دوماً إلى معطيات  فمثلاً تعتبر منظمة نسوية أن من الحركات التي تعتبر تحرشاً التحديق بطريقة مؤذية للجسم، التلطيش والتصفير والملاحقة والنكات الجنسية، التوجه في الكلام بطريقة جنسية مثل وصف أجزاء من الجسد، عندما يكشف أحد أمامك جسده، الطلبات الجنسية والتهديدات كالمكالمات الهاتفية البذيئة، عندما ينشر أحد صوراً فاضحة لك ولو كانت غير حقيقية وغيرها، أما أهم النقاط التي تجمعها فهي عدم الترحيب بهذه الحركات والأفعال والشعور بالانزعاج، التهديد، عدم الاحترام….إلخ وهذا ما لا يشمل معظمه القانون رغم أنه حقيقي واعتداء على كرامة الإنسان بطريقة ما، وذلك لأنه مبرر أحياناً من المجتمع فيوضع اللوم على الضحية

 (لباسها، أفعالها، كلامها، حركاتها…) أو يقلل من مدى الفعل (إنه مجرّد مزاح، لا تكترثي، أو لا يقصد ذلك…).

أو يوضع ضمن نطاق المبالغة أو التبرير وعدم التصديق: (هي تقول ذلك لأنها معقدة…)و (التحرش نتيجة المجتمعات المنغلقة). وبالتالي تعطى طرق لمعاملة المتحرش تساعده على التمادي (تجاهليه ..) و(هذا طبيعي وعادي…) و(هكذا الرجال دائماً. الصبيان، الأولاد..) ومن ذلك إعطاء صفات للمتحرش بينما في الحقيقة المتحرش هو قد يكون كل شخص بعيداً عن الغنى والتعلم ودرجة الثقافة والمهنة فالتحرش موجود في كل مكان..

ومن هنا تأتي ضرورة  محاربة التحرش بفضحه، فالتحدي وعدم السكوت وعدم الخوف من أن يؤثر الكلام على السمعة لأن هذا ما يتمسك به المتحرش (خوف الفتاة من الإفصاح أو خوف الأهل من الإفصاح عن التحرش وكأنما هي المذنبة) واستخدام القانون والشكوى في القضاء وتلافي النقص في مواد القانون..

العدد 1105 - 01/5/2024