الأفكار غير العقلانية والإنسان الانفعالي

معظم المشكلات النفسية لا تنجم عن ضغوط خارجية، بل تأتي من وجود الأفكار والمعتقدات الخاطئة التي يعتنقها الفرد. والاضطرابات الانفعالية التي يعاني منها الفرد ترجع إلى أفكاره اللاعقلانية. الإنسان لديه ميل للتفكير بشكل عقلاني وغير عقلاني، فعندما يسلك ويفكر بطريقة عقلانية يكون فعالاً ومنتجاً، وعندما يفكر بطريقة غير عقلانية يشعر بالخوف والقلق. ويعود الفضل الأكبر للدكتور الأمريكي ألبرت أليس في دراسة الأفكار اللاعقلانية وعلاقتها بالاضطرابات الانفعالية والضغوط النفسية، فقد طور طريقته التي عرفت بالعلاج العقلي الانفعالي التي تفترض أن الاضطرابات والمشكلات النفسية إنما تنشأ عن أنماط خاطئة أو غير منطقية في التفكير.

وملخص هذه النظرية أنه إذا تعلم الفرد كيف يفكر بطريقة مختلفة عن الأشياء أو الجوانب التي تسبب الإزعاج أو الضيق يمكن أن يتصرف بطريقة أكثر عقلانية.

إن التفكير غير العقلاني يرجع إلى مرحلة الطفولة، وإلى عوامل التنشئة الاجتماعية في الطفولة وللآباء دور في اكتساب الأبناء لهذه الأفكار اللاعقلانية.

الأفكار اللاعقلانية: هي مجموعة من الأفكار الخاطئة وغير الموضوعية، والتي تتصف بالسعي للكمال، والاستحسان وتهويل الأمور المرتبطة بالذات والآخرين، والشعور بالعجز والدونية والاعتمادية.

حدد أليس إحدى عشرة فكرة يعتقد أنها تؤدي إلى انتشار المشكلات النفسية وهي:

1- اعتقاد الفرد بضرورة أن يكون محبوباً ومرضياً عنه من كل شخص هام في بيئته.

2- اعتقاد الفرد أنه من الضروري أن يكون كفؤاً وملائماً ومنجزاً في جميع مجالات الحياة، وأن هذا الأمر يؤدي إلى إحساسه بقيمته.

3- اعتقاد الفرد أن من الضروري لوم الأشخاص السيئين والوقحين والمزعجين ومعاقبتهم.

4-اعتقاد الفرد أن الأمور يجب أن تسير حسب رغبته.

5- اعتقاد الفرد بأن شقاءه وبؤسه وعدم سعادته هي نتاج للأحداث والأشخاص، ويرى أن كل

ذلك خارج عن إرادته وأنه غير قادر على التحكم فيها.

6- اعتقاد الفرد بأن الحالات التي تمثل خطراً عليه ينبغي الاهتمام بها والتفكير فيها باستمرار.

7- اعتقاد الفرد بأن الهروب من المواقف الصعبة وعدم تحمل المسؤولية يعتبر أفضل من مواجهتها.

8- اعتقاد الفرد بحاجته إلى الاعتماد على شخص أو أشخاص أقوى منه.

9- اعتقاد الفرد بأن الأحداث الماضية في حياته هي التي تحدد السلوك الحالي، وأنه لا يمكن تغييرها.

10 – اعتقاد الفرد بأن عليه أن يهتم ويحزن ويقلق من مشاكل الآخرين.

11 –  اعتقاد الفرد بوجود إجابات صحيحة وحلول مثلى لكل مشكلة، وإلا فهي المصيبة.

هذه الأفكار لخصها أليس في:

– يجب أن يكون أدائي ممتازاً على الدوام وأن أكون محبوباً من الجميع.

 – يجب أن يعاملني الآخرون برفق وعدل، وإن لم يفعلوا ذلك فلن أتحمل سلوكهم وسيكونون أشخاصاً سيئين.

– يجب أن يتعامل العالم معي تعاملاً طيباً، وأن يمنحني كل شيء أريده فوراً وإلا فإنه يصبح عالماً كريهاً.. إذاً، يجب أن يكون لدى الفرد قدر من الاتزان الانفعالي والعاطفي، فلا تكون انفعالاته مبالغاً فيها وحادة، ولا تكون بسيطة ويكون متبلداً انفعالياً، وأن يكون لدى الفرد القدرة على بناء علاقات اجتماعية ناجحة مع الآخرين، وأن يكون محبوباً ومرغوباً فيه، ولكن ليس بالضرورة أن يكون جميع الناس يحبونه.

العدد 1104 - 24/4/2024