فن… من عيادات العمل

يتميز الشباب السوري برغبته في تعلم أكبر عدد ممكن من نواحي الحياة العلمية والمهنية والعملية والشخصية، وعيادات العمل تسعى على مدار ورشاتها للوصول بهم نحو سوق العمل بطرق مهنية، ولأنها موجودة دوماً لتلبية مساعيهم نحو التطور والمعرفة والاختلاف، اتفقت عيادات العمل جامعة دمشق مع المخرج المبدع عبد الحكيم نويلاتي على تدريب مجموعة من الشباب والشابات ضمن دورة احترافية باسم (التصوير الفوتوغرافي وصناعة الأفلام الوثائقية). وبالفعل بدأت العيادات مع المخرج بمقابلة مجموعة كبيرة من الشباب الموهوبين ليتم اختبارهم، ثم انتقاء الأنسب للّحاق بهذه الدورة التدريبية التي مدتها ثلاثة أشهر بما يزيد على مئة ساعة.

وبالفعل بدأت الدورة، وبدأت تفاصيل الصورة والإبداع تتضح في عيون الطلاب، كانت البداية لديهم عبارة عن معلومات جديدة وطرق حديثة وأفكار متعددة، ثم تبعها الاختبارات العملية والوظائف التصويرية التي أخذت منهم الوقت الكثير، وبعدها بدؤوا بالأفلام الوثائقية وأخذوا بداية خط الاحتراف من أستاذهم المبدع. فقد كانت محاور الدورة تدول حول : – التصوير الفوتوغرافي- إخراج الأفلام الوثائقي- فن المونتاج – السيناريو، أنواعه وأساليب كتابته.

مرت معهم الأيام مثل الحلم، وكان فيها الكثير من الجهد والمرح والتألق الممزوجين بالتعلم المتجدد.. مضت أيام الدورة وحان موعد التخرج، فكروا كثيرا بالمادة التي عليهم طرحها أمام أهاليهم وأصدقائهم ورئيس جامعتهم وفريق العيادات الذي كان معهم وشجعهم خطوة بخطوة.. وكانت منهم الفكرة، فكروا بفيلم يعرض وجع السوريين الآن، كانت الأفكار في الفيلم تتراوح بين الحب والفرح والحزن والبقاء والشهادة والاستمرارية، ولأن الأفلام الوثائقية هي فن تخليد اللحظة، جاء فيلم (روح) مشروع التخرج الجماعي الذي نفّذه طلاب دورة الأفلام الوثائقية البالغ عددهم واحداً وثلاثين خريجاً مستوحياً اسمه من خلود الروح.

فكرة فيلمهم كانت مستمدة من الشاب الذي لن يموت في كل قلب سوري ينبض، شادي شلهوب. الشاب السوري الرائع والمتعلم والمثقف والمرتل والحبيب المخلص والابن البار والصديق الوفي والأخ الحنون القدوة. كانت رمزية الفيلم تحوي الكثير من المشاعر النقية الخالصة، أطل شادي بصور طفولته وشبابه، بصوت من حب ودفء ووقار، بلقطات من صحبة وود. كم كان للفيلم من تأثير على كل شخص تابعه في مسرح مدرج جامعة دمشق، وخاصة عندما تعلم أن من بين الموجودين أهل شادي شلهوب، فتسمع صوت بكائهم وأنينهم على فلذة كبدهم. ترى أخاه واقفاً ينعى أخاه وشاكراً إياه لأنه القدوة، تسمع صيحات الحب من كل قلب موجود ونظرة احترام وتبجيل لأهل شادي من جهة ولكل أسرة سورية فقدت فرداً من عائلتها. ومن جهة أخرى تستقي أمل الشباب المتجدد الذي سيعمر سورية وسيسير برسالتها إلى الأمام نحو مستقبل كبير وواسع ومتميز. ومن هنا يكون اسم الفيلم (روح).

وبعد الفيلم، وزعت شهادات لشباب الدبلوم الوثائقي على أنغام لحن (موطني). وبهذا كان حفل التخريج إعلاناً لانطلاقهم نحو عالم الصورة الاحترافية، بعد تقديم الشهادات لخريجي الدورة حملوا عدساتهم لالتقاط اللحظات.. كي تبقى وثائق لمئات السنين…

العدد 1105 - 01/5/2024