ياسمينة عيد حمراء!

امتحن إبراهيم الخليل بقدرته على التضحية، فكان عليه أن يقدم ابنه تعبيراً عن صدق إيمانه لكن معاناته لم تدم طويلاً، كمعاناة أيوب الذي امتحن، فخسر ماله وأولاده، واعتل جسده، إلا أنه حصل في النهاية على أضعاف ما فقد من مال وولد وصحة.

وعلى البعد لاح لإبراهيم (الكبش) ليقدمه فداء وتضحية، ومن هنا جاء الاحتفال بعيد الأضحى تكريساً لقيم الفداء، وتمجيداً للتضحية بالغالي والنفيس في سبيل القيم والمبادئ والمعتقدات.

وهل ما هو أسمى وأعز من الأوطان لتقديم الأضاحي من أجلها؟! وهل بخل الشعب السوري بتقديم التضحيات ليحافظ على وطنه موحداً حراً، سيداً، فيه متسع لكل أبنائه يتمتعون فيه بحقوقهم، ويقدمون واجباتهم له كاملة، صيانة من أعداء الخارج والداخل…

إلى متى ستطول المعاناة المروية بالدماء، ومتى تلوح بيارق النصر، ويظهر شعاع الفجر بعد ليل طويل خيم على الوطن بكل فئاته الاجتماعية، وتنوعه  الإثني، وفشلت كل المحاولات الرامية لتحويل المعركة إلى تفتيت لوحدة الشعب وضرب الدولة بكل مكوناتها وأسسها (وحدة الوطن أرضاً وشعباً ومؤسسات).

تجلت إرادة الشعب السوري في قدرته على الصبر، وتحمل التضحيات، وقد رأى أجساد أبنائه تتناثر على جدران المدارس وفي الشوارع، كما عاين الدمار والخراب، يتجول غولاً مفترساً أبنية مدنه المشيدة بعرقه، وبادخار خبزه وحرمان أسره.

تبارك الشعب الذي جاد بأغلى ما لديه، وحمل جراحه فلم تصدر منه أنة أو توجع، وبقيت الابتسامة على وجهه كقمر نيسان، هذا الشعب يستحق كل احترام وتقدير، وهو لا ينتظر رد الجميل، لكنه أبداً لا يُجحد، فهو مؤمن بأن لا حرية لمواطن دون حرية كاملة ناجزة للوطن، ولا كرامة لإنسان في وطن يقبل الرضوخ ويرتهن لإرادات الخارج وتآمر الداخل…

الشعب السوري ينتظر غده المشرق، بعد كل هذا الصبر، (من أين يأتي كل هذا الصبر.. كي نبقى على قيد الحياة). ينتظر الشعب غداً واعداً لوطن تفوح منه رائحة الحرية الحقة، والعدالة المنصفة، والتعددية في الوحدة، والمنعة في الصمود والمواجهة.

تمتحن الشعوب بالتجارب، وتقوى بالتحديات، ويتصلب عودها بالصمود، فهل هناك تجارب لم يخضها شعبنا منذ تكون شعباً ودولة، وهل لان وضعف أمام محتل أو مخاتل أو مراوغ..؟!

الضربات التي لا تميت تشحذ الهمم، وتقوي العزائم، وشعبنا على عتبات العيد وأمام دلالاته الواعدة بالحياة مستعد لمزيد من التضحيات وصولاً إلى النصر الناجز.. (ظهر له الكبش أو اختفى)!